بمحبتهم والاهتمام بأمرهم. فجاء عن النبي ـ على ما رواه البراء عنه ـ في الأنصار قوله : «لا يحبهم إلّا مؤمن ولا يبغضهم إلّا منافق ، من أحبهم فقد أحب اللّٰه ، ومن أبغضهم فقد أبغضه اللّٰه (١)».
وعن أبي سعيد الخدري قوله : إنا كنا لنعرف المنافقين نحن معاشر الأنصار ببغضهم علي بن أبي طالب (٢) ، إذ ان علي بن أبي طالب كان محكا للأنصار لكون الحق يعرف به وببغضه يتشخص أهل الباطل ، وبواسطته يتميز الايمان عن النفاق ، وذلك لدليل على أن أرضية الفكر الإيماني للأنصار ومنحى الاعتقاد عندهم قد وقف على معرفة علي بن أبي طالب. فهم قد آووا ونصروا النبيّ وقاتلوا معه ، ثمّ مع أهل البيت ، فقد يكون الرسول صلىاللهعليهوآله قد عني بدعائه ـ الآتي ـ هذه الأدوار : «اللّٰهمّ اغفر للأنصار ولأبناء الأنصار ، ولأبناء أبناء الأنصار» (٣)» وأنت تعلم بأنّ الحكم في (الأنصار) قد ترتب على الصفة المشتقّة منه وهي النصرة ، ومعناه : أنّه دعا لهم لنصرتهم له وأن الذي يبغضهم لهذه الصفة فهو كافر ، أمّا هذا فلا يجري في علي بن أبي طالب : لأنّه صلىاللهعليهوآله جعل الحكم على ذات علي وباسمه دون أي قيد ، وهذا يوضح الفارق بينهما وإن كانا قد اجتمعا على ارضيه واحدة وهي أن حبّهم إيمان وبغضهم نفاق.
فجاء عن انس قوله صلىاللهعليهوآله : «حب الأنصار آية الإيمان وبغضهم آية النفاق (٤)».
وعن أبي هريرة : «لا يبغض الأنصار رجل يؤمن بالله واليوم الأخر (٥)».
وعن النووي في شرح مسلم : إنّ من عرف مرتبة الأنصار ، وما كان منهم في نصرة دين الإسلام ، والسعي في إظهاره وإيواء المسلمين ، وقيامهم في مهمات دين الإسلام حق القيام ، وحبهم النبي وحبه إياهم ، وبذلهم أموالهم وأنفسهم بين يديه وقتالهم ومعاداتهم سائر الناس إيثار للإسلام ، وعرف من علي بن أبي طالب قربه من
__________________
(١) صحيح مسلم ١ : ٨٥ ح ١٢٩ كتاب الأيمان.
(٢) الترمذي ٥ : ٦٣٥ ورواه الخطيب عن أبي ذر بلفظ آخر (كنز العمال ١٣ : ١٠٦).
(٣) صحيح مسلم ٤ : ١٩٤٨ ح ٢٥٠٥ باب فضائل الأنصار.
(٤) مسلم ١ : ٨٥ كتاب الأيمان.
(٥) مسلم ١ : ٨٦ ح. ١٣ كتاب الأيمان.