فيه رأيي .. فأتوه بكتبهم ، فأحرقها بالنار» (١).
وقد حدّد عثمان بن عفان ومعاوية بن أبي سفيان الأحاديث النبوية بالتي عمل بها في زمن عمر بن الخطّاب.
قال محمود بن لبيد : سمعت عثمان على المنبر يقول : لا يحل لأحد أن يروي حديثا عن رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله لم يسمع به في عهد أبي بكر ولا عهد عمر (٢).
وعن معاوية أنه قال : أيّها الناس! أقلّوا الرواية عن رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله ، وإن كنتم تحدّثون فحدّثوا بما كان يتحدّث به في عهد عمر (٣).
وفي رواية ابن عساكر : إياكم والأحاديث عن رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله إلّا حديثا ذكر على عهد عمر (٤) ، وقد مر عليك كل هذا سابقا.
بلى إنهم وبتشريعهم الرأي اتخذوا الاجتهاد مطيّة يحملون عليها آثار ومساوئ الرأي ، وإنّ عليّ بن أبي طالب كان قد أكّد بأنّ بدء وقوع الفتن أهواء تتبع ، وأن الكثير من الاجتهادات ما هي إلّا آراء شخصية ومصالح ارتضاها النهج الحاكم ، وإليك بعض كلامه عليهالسلام :
(.. وإنّما بدء وقوع الفتن أهواء تتّبع وأحكام تبتدع ، يخالف فيها كتاب اللّٰه ، يتولّى فيها رجال رجالا ، ألا إنّ الحقّ لو خلص لم يكن اختلاف ، ولو أنّ الباطل خلص لم يخف على ذي حجى ، لكنّه يؤخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث ، فيمزجان فيجعلان معا ، فهنالك يستولي الشيطان على أوليائه ونجا الذين سبقت لهم من اللّٰه الحسنى ، وإنّي سمعت رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله يقول : كيف أنتم إذا لبستكم فتنة يربو فيها الصغير ويهرم فيها الكبير ، يجري الناس عليها ويتّخذونها سنّة ، فإذا غيّر منها شيء قيل : قد غيّرت السنة وقد أتى الناس منكرا؟! ثمّ تشتد البليّة وتسبى الذرّية ، وتدقّهم
__________________
(١) الطبقات الكبرى لابن سعد ١ : ١٤٠ ، حجية السنة : ٣٩٥.
(٢) الطبقات الكبرى لابن سعد ٢ : ٣٣٦ ، وعنه في السنة قبل التدوين : ٩٧.
(٣) كنز العمال ١ : ٢٩١.
(٤) تاريخ دمشق ٣ : ١٦٠.