وقد كان علي الذي تزعم معارضة الهاشميين
مصدر رعب شديد في نفوس الحاكمين لأنّ ظروفه الخاصة كانت تمده بقوة على لونين من
العمل الإيجابي ضد الحكومة القائمة : ـ
( احدهما ) ضم الاحزاب الماديّة إلى جانبه
كالأمويين والمغيرة بن شعبة وأمثالهم ممن كانوا قد بدأوا يعرضون أصواتهم للبيع
ويفاوضون الجهات المختلفة في اشترائها بأضخم الأثمان كما نعرف ذلك من كلمات أبي
سفيان التي واجه بها خلافة السقيفة يوم وصوله إلى المدينة وحديثه مع علي وتحريضه
له على الثورة وميله إلى جانب الخليفة وسكوته عن المعارضة حينما تنازل له الخليفة
عن أموال المسلمين التي كان قد جباها في سفره وموقف عتاب بن أسيد الذي سنشير إلى سره
في هذا الفصل.
واذن فقد كان الهوى المادي مستولياً على
جماعة من الناس يومئذ.
ومن الواضح انّ علياً كان يتمكن من
اشباع رغبتهم بما خلفه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
من الخمس وغلات أراضيه في المدينة وفدك التي كانت ذات نتاج عظيم كما عرفنا في
الفصل السابق.
والطور الآخر من المقاومة التي كان علي
مزوداً بامكانياتها ما لمح إليه بقوله : احتجوا بالشجرة وأضاعوا الثمرة ، وأعني
بذلك أن الفكرة العامّة يومئذ التي اجمعت على تقديس أهل البيت والاعتراف لهم
بالامتياز العظيم بقربهم من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
كانت سنداً قوياً للمعارضة.
وقد رأى الحزب الحاكم ان موقفه المادي
حرج جداً لأنّ اطراف المملكة التي تجبى منها الأموال لا تخضع للحكم الجديد إلا إذا
استقرت دعائمه في العاصمة والمدينة بعد لم تخضع له خضوعاً اجماعياً.
ولئن كان أبو سفيان أو غير أبي سفيان قد
باع صوته للحكومة فمن الممكن أن يفسخ المعاملة إذا عرض عليه شخص آخر اتفاقاً أكثر
منها