غالباً واضف إلى ذلك
انّ زكريا نفسه لم يكن يرى النبوّة ملازمة لذريته بل ولا ما دونها من المراتب
الروحية ولذا سأل ربّه بعد ذلك بأن يجعل ولده رضياً.
٥ ـ ولنترك هذا لندرس كلمة الإرث في
الآية على ضوء تقدير الفعل صفة لا جواب للدعاء. وفي رأيي ان هذا التقدير لا يضطرنا
إلى الخروج بنتيجة جديدة بل الإرث في كلمة ـ يرثني ـ هو ارث المال في الحالين معاً
بلا ريب. والذي يعين هذا المعنى للكلمة على التقدير الجديد أمران : ـ
الأول : انّ زكريا عليهالسلام لو كان قد طلب من ربّه ولداً وارثاً
لنبوته لما طلب بعد ذلك ان يكون رضياً لأنّه خدل في دعوته الأولى ما هو رافع من
الرضا.
الثاني : ان اغفال الإرث بالمرة في قصّة
زكريا الواردة في سورة آل عمران ان لم يدلّ على ان الإرث خارج عن حدود الدعاء فهو
في الأقلّ يوضح انّ معنى الإرث في الموضع القرآني الآخر للقصة ارث المال لا ارث
النبوّة لأن زكريا لو كان قد سأل ربّه أمرين أحدهما ان يكون ولده طيباً رضياً
والآخر ان يرث نبوته لما اقتصر القرآن الكريم على ذكر الوصف الأول الذي طلبه زكريا
عليهالسلام فانه ليس
شيئاً مذكوراً بالاضافة إلى النبوّة ، ولكي تتفق معي على هذا لاحظ نفسك فيما إذا سألك
سائل بستاناً ودرهماً فاعطيته الامرين معاً ثم اردت ان تنقل القصّة وتخص الدرهم
بالذكر. لا أراك تفعل ذلك إلا إذا كنت كثير التواضع ورجحان البستان على الدرهم في
حساب القيم الماديّة دون امتياز النبوّة على طيب الذرية في موازين المعنويات
الروحية واذن فقصة زكريا التي جاءت في سورة آل عمران. ولم يذكر فيها عن الإرث كثير
أو قليل دليل على انّ الإرث المذكور في الصورة الأخرى للقصة بمعنى ارث المال لا
ارث النبوة