والأصل : «منسأة» مفعلة من نسأه ، أى : زجره بالعصا ؛ ولذلك سميت منسأة ؛ فأبدل الهمزة ألفا ، ثم أبدل الألف همزة ساكنة.
فعلى ذلك يحمل قوله :
لو يشأ ....... |
|
........ |
وأما قول الشاعر : [من البسيط]
تامت فؤادك لو يحزنك ما صنعت |
|
إحدى نساء بنى ذهل بن شيبانا (١) |
فهذا من تسكين ضمة الإعراب تخفيفا كما قرأ أبو عمرو : «ينصركم» و «يشعركم».
وكما قرأ بعض السلف : (وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ) [الزخرف : ٨٠] ـ بسكون اللام ـ.
__________________
ـ
صريع خمر قام من وكأته |
|
كقومة الشّيخ إلى منسأته |
وقد طعن قوم على هذه القراءة ، ونسبوا راويها إلى الغلط ؛ قالوا : لأن قياس تخفيفها إنما هو تسهيلها بين بين ، وبه قرأ ابن عامر وصاحباه ، فظن الراوى أنهم سكنوا. وضعفها أيضا بعضهم بأنه يلزم سكون ما قبل تاء التأنيث ، وما قبلها واجب الفتح إلا الألف.
وأما قراءة الإبدال : فقيل : هى غير قياسية يعنون أنها ليست على قياس تخفيفها ، إلا أن هذا مردود بأنها لغة الحجاز ثابتة فلا يلتفت لمن طعن ، وقد قال أبو عمرو ـ وكفى به ـ : أنا لا أهمزها لأنى لا أعرف لها اشتقاقا ، فإن كانت مما لا يهمز فقد احتطت ، وإن كانت تهمز فقد يجوز لى ترك الهمز فيما يهمز ، وهذا الذى ذكره أبو عمرو أحسن ما يقال فى هذا ونظائره.
وقرئ منسأته بفتح الميم مع تحقيق الهمز ، وإبدالها ألفا ، وحذفها تخفيفا.
وقرئ منساءته بزنة مفعالته كقولهم : ميضأة وميضاءة ؛ وكلها لغات.
وقرأ ابن جبير من ساته فصل «من» ، وجعلها حرف جر وجعل «ساته» مجرورة بها ، والسّاة والسّية هنا العصا ، وأصلها يد القوس العليا والسفلى يقال : ساة القوس مثل شاة وسئتها ، فسمّيت العصا بذلك على وجه الاستعارة ، والمعنى تأكل من طرف عصاه.
ووجه بذلك ـ كما جاء فى التفسير ـ أنه اتّكأ على عصا خضراء من خروب ، والعصا الخضراء متى اتّكئ عليها تصير كالقوس فى الاعوجاج غالبا.
و «سأة» : فعلة ، و «سئة» : فعلة ، نحو قحة وقحة ، والمحذوف لامهما.
وقال ابن جنى : سمى العصا منسأة ؛ لأنها تسوء وهى «فلة» والعين محذوفة.
قال شهاب الدين : وهذا يقتضى أن تكون القراءة بهمزة ساكنة ، والمنقول أن هذه القراءة بألف صريحة ، ولأبى الفتح أن يقول أصلها الهمزة ولكن أبدلت.
ينظر : اللباب (١٦ / ٣٠ ـ ٣٣).
(١) البيت للقيط بن زرارة فى لسان العرب (تيم) ، والعقد الفريد ٦ / ٨٤ ، وبلا نسبة فى جمهرة اللغة ص ٤١١ ، وشرح الأشمونى ٣ / ٥٨٤ ، ٦٠٤ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٦٦٥ ، ومغنى اللبيب ١ / ٢٧١.