وإليها أشار هنا ، فذكر أنّ الجملة تقع في موضع الحال ، فيحكم عليها أنّها في موضع نصب.
وشمل قوله : «جمله» الاسميّة ، والفعليّة.
ثمّ مثّل لذلك بقوله :
كجاء زيد وهو ناو رحله
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
وذات بدء بمضارع ثبت |
|
حوت ضميرا ومن الواو خلت |
يعني : أنّ الجملة الواقعة في موضع الحال إذا كانت فعليّة مبدوءة بفعل مضارع مثبت ، فإنّها تحتوي على ضمير عائد على صاحب الحال ، وتخلو من الواو ، نحو «جاء زيد تقاد الجنائب بين يديه» (١).
وإنّما لم يقترن الفعل المضارع المذكور بالواو ، لأنّه (٢) بمنزلة المفرد ، لشبه المضارع به ، فكما لا تدخل الواو على المفرد ، فتقول : «قام زيد وضاحكا» ، فكذلك لا تدخل على ما أشبهه ، وهو المضارع.
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
وذات واو بعدها انو مبتدا |
|
له المضارع اجعلنّ مسندا |
يعني : أنّ الجملة المصدّرة بالفعل المضارع المثبت ، إذا وردت من كلام العرب مقترنة بالواو ـ فليست الجملة حينئذ فعليّة ، بل تنوي بعد الواو مبتدأ ، وتجعل الفعل المضارع خبرا عن ذلك المبتدأ ، فتصير الجملة اسميّة ، وممّا ورد من ذلك قول العرب : «قمت وأصكّ عينه» (٣) ، ومعنى «أصكّ» : أضرب (٤) ، قال الله تعالى : (فَصَكَّتْ وَجْهَها) [الذاريات : ٢٩] أي : ضربته.
__________________
(١) الجنائب : جمع جنيبة وهي الفرس التي تساق بين يدي الأمير بلا ركوب.
انظر ابن عقيل مع الخضري : ١ / ٢٢١ ، شرح المكودي : ١ / ١٧٥ ، اللسان : ١ / ٦٩١ (جنب) ، شرح الأشموني : ٢ / ١٨٧.
(٢) في الأصل : لأنها. انظر شرح المكودي : ١ / ١٧٥.
(٣) حكاه الأصمعي ، تقديره : قمت وأنا أصك عينه ، وقيل : الواو عاطفة وليست للحال ، والفعل بمعنى الماضي.
انظر شرح ابن الناظم : ٣٣٧ ، شرح دحلان : ٩٣ ، شرح المكودي : ٢ / ١٧٥ ، شرح ابن عقيل : ١ / ٢٢١ ، شرح الأشموني : ٢ / ١٨٧ ، شرح المرادي : ٢ / ١٦٧ ، التحفة المكية للمقري (رسالة ماجستير) : ٢٩ ، ارتشاف الضرب : ٢ / ٣٦٧.
(٤) انظر اللسان : ٤ / ٤٧٤ (صكك) ، المصباح المنير : ١ / ٣٤٥ (صكك) ، شرح المكودي : ١ / ١٧٥.