قد تقدّم أنّ التفريغ هو أن يكون ما قبل «إلّا» طالبا لما بعدها ، فإذا كرّرت «إلّا» في التّفريغ ـ فإنّه يترك تأثير العامل الّذي هو «إلّا» في واحد من المستثنيين أو المستثنيات ، ويكون بحسب ما يطلب ما قبل «إلّا» وما عداه منصوب.
وفهم من قوله : «في واحد» أنّ ترك العمل بـ «إلّا» ليس مخصوصا بواحد دون واحد ، بل يجوز إلغاء «إلّا» في الأوّل دون الثّاني والثّالث ، وفي الثّاني (١) دون الأوّل والثّالث ، وفي الثّالث دون الأوّل والثّاني ، فنقول : «ما قام إلّا زيد ، إلّا عمرا ، إلّا خالدا» ، و «ما قام إلّا زيدا ، إلّا عمرو ، إلّا خالدا» و «ما قام إلّا زيدا ، إلّا عمرا ، إلّا خالد». وقوله :
وليس عن نصب سواه مغني
يعني : أنّ (ما سوى) (٢) المستثنى الّذي تلغى «إلّا» معه ـ ينصب ، ونصبه بالعامل الّذي هو «إلّا» ، وعلى (٣) هذا حمل المراديّ العامل (٤).
وحمله ابن عقيل (٥) على أنّه العامل الّذي قبل «إلّا» وجعل «دع» بمعنى : «اجعل» (٦).
واستصوب / الأوّل المكوديّ (٧).
__________________
(١) في الأصل : الثا. انظر شرح المكودي : ١ / ١٦٢.
(٢) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ١٦٢.
(٣) في الأصل : الواو ساقط. انظر شرح المكودي : ١ / ١٦٢.
(٤) قال المرادي في شرحه (٢ / ١٠٩) : «وقد فهم من عبارته فوائد :
الأولى : أن الناصب للمستثنى هو «إلا» لقوله : «بالعامل» ونسبه في التسهيل إلى سيبويه والمبرد». وانظر شرح المكودي : ١ / ١٦٢ ، التسهيل : ١٠١.
(٥) هو عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد القرشي الهاشمي ، المشهور بابن عقيل ، بهاء الدين ، أبو محمد ، من أئمة النحو ، فقيه مفسر ، من نسل عقيل بن أبي طالب رضياللهعنه ، ولد بالقاهرة سنة ٦٩٨ ه (وقيل : ٧٠٠ ه) وتولى قضاء الديار المصرية ، وتوفي فيها سنة ٧٦٩ ه ، من مؤلفاته : شرح ألفية ابن مالك ، شرح التسهيل لابن مالك وسماه المساعد ، الجامع النفيس في فقه الشافعية ، وغيرها.
انظر ترجمته في بغية الرعاة : ٢٨٤ ، البدر الطالع : ١ / ٣٨٦ ، مفتاح السعادة : ١ / ٤٣٩ ، معجم المؤلفين : ٦ / ٧٠ ، الأعلام : ٤ / ٩٦ ، هدية العارفين : ١ / ٤٦٧ ، شذرات الذهب : ٦ / ٢١٥.
(٦) انظر شرح ابن عقيل : ١ / ٢٠٧ ، شرح المكودي : ١ / ١٦٢.
(٧) قال المكودي : في شرحه (١ / ١٦٢) : «وما ذكره المرادي أصوب من ثلاثة أوجه :
الأول : أن فيه التنبيه على أن «إلا» هي العامل في المستثنى ، وهو موافق لتصريح الناظم به في غير هذا النظم.
الثاني : أن «دع» بمعنى «اجعل» غير معهود في اللغة ، وإنما يكون بمعنى : اترك.
الثالث : أن ما قبل «إلا» في التفريغ قد يكون غير عامل ، نحو «ما في الدار إلا زيد». انتهى.