والكوفيين (١) ، ومحلّ الخلاف : ما إذا كان ماضيا غير ناسخ.
وأمّا إذا كان لا ماضيا ، ولا ناسخا ، كقولهم : «إن يزينك لنفسك ، وإن يشينك لهيه» (٢) فلا قياس عليه اتّفاقا (٣).
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
وإن تخفّف أنّ فاسمها استكن |
|
والخبر اجعل جملة من بعد أن |
وإن يكن فعلا ولم يكن دعا |
|
ولم يكن تصريفه ممتنعا |
فالأحسن الفصل بقد أو نفي أو |
|
تنفيس أو لو وقليل ذكر لو |
يعني : أنّ «أنّ» المفتوحة إذا خفّفت لم تهمل كما أهملت «إنّ» ، بل يستكنّ فيها اسمها ، وفهم عدم إهمالها من قوله : «فاسمها» ، فإنّه لا يطلق عليه اسمها إلّا وهي عاملة فيه.
وتجوّز في قوله : «استكن» ، وإنّما هو محذوف ، إذ لا يستكنّ الضّمير إلّا في الفعل أو ما جرى مجراه.
__________________
(١) هذا يوهم أنهم يجيزون تخفيف «إن» المكسورة ويدخلونها على نحو «قام وقعد» ، وذلك مخالف لقاعدتهم ، فإنهم لا يجيزون تخفيف «إن» المكسورة ، ويحملون ما ورد من ذلك على أن «إن» نافية بمنزلة «ما» واللام إيجابية بمنزلة «إلا» كما تقدم. ويمكن الاعتذار بأن ذكر الكوفيين مع الأخفش نظرا إلى موافقتهم له صورة ، لقياسهم أيضا على «إن قتلت لمسلما» ، وإن كان قياسهم عليه على وجه أن «إن» نافية ، واللام بمعنى «إلا» ، وقياس الأخفش عليه على وجه أن «إن» مخففة واللام لام الابتداء. أو يكون النقل عنهم اختلف ، حيث نقل عن بعضهم أن الكوفيين يجوزون تخفيف «إن».
انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٢٣١ ـ ٢٣٢ ، شرح الرضي : ٢ / ٣٥٩ ، مغني اللبيب : ٣٦ ، شرح ابن عصفور : ١ / ٤٣٨ ، الهمع : ٢ / ١٨٣ ، شرح ابن يعيش : ٧ / ٧٢ ، حاشية الصبان : ١ / ٢٩٠ ، ارتشاف الضرب : ٢ / ١٥١ ، حاشية يس : ١ / ٢٣٢.
(٢) حكاه الكوفيون ، ويروى : «إن تزينك لنفسك ، وإن تشينك لهيه» ، ويروى : «إن تشنيك لنفسك ، وإن تزينك لهيه». و «يزينك» بفتح الياء ، وكذا «يشين» وهما مرفوعان بضم النون ، و «إن» فيه مخففة من الثقيلة ، واللام لام الابتداء ، و «نفسك» فاعل يزينك. والمعنى : أن الإنسان لا يزينه إلا نفسه بفعل الطاعات ، ولا يشينه إلا هي بفعل المعاصي. والشاهد في «يزينك» حيث ولي «إن» وهو فعل مضارع غير ناسخ ، وهو أندر مما قبله.
انظر شرح الكافية لابن مالك : ١ / ٥٠٤ ، التصريح على التوضيح : ١ / ٢٣٢ ، شرح المرادي : ١ / ٣٥٤ ، شرح الرضي : ٢ / ٣٥٩ ، شرح ابن عقيل مع الخضري : ١ / ١٣٩ ، الهمع : ٢ / ١٨٣ ، المكودي مع ابن حمدون : ١ / ١٠٩ ، ارتشاف الضرب : ٢ / ١٥٠ ، شرح ابن الناظم : ١٨٠ ، كاشف الخصاصة : ٨١ ، شرح ابن يعيش : ٨ / ٧٦.
(٣) انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٢٣٢.