فإنّه لا مخبر عنه ولا وصف ، فلا يكون مبتدأ ، بناء على أنّ اسم الفعل لا محلّ له من الإعراب ، وهو الأصحّ (١).
وخرج بقولنا : «رافعا لمكتفى به» نحو «أقائم أبواه زيد» ، فإنّ المرفوع بالوصف ـ وهو أبواه ـ غير مكتفى به في حصول الفائدة ، مع قطع النّظر عن «زيد» ، فيكون «زيد» مبتدأ مؤخّرا ، والوصف خبرا مقدّما (٢) ، و «أبواه» فاعله.
وقد فهم من هذا الحدّ أنّ المبتدأ على قسمين : ذو خبر ، ووصف رافع لما يغني عن الخبر ، وقد أشار إلى الأوّل بقوله :
مبتدأ زيد ... |
|
... البيت |
فاكتفى عن الحدّ بالمثال.
فـ «زيد» من قولك : «زيد عاذر من اعتذر» مبتدأ ، و «عاذر» من المثال المذكور خبره ، و «من اعتذر» تتميم للبيت.
ثمّ قال رحمهالله :
وأوّل مبتدأ والثّاني |
|
فاعل اغنى في أسار ذان |
وقس وكاستفهام النّفي وقد |
|
يجوز نحو فائز أولو الرّشد |
أشار بهذا إلى النّوع الثّاني من المبتدأ ، يعني : أنّك إذا قلت : «أسار ذان» ، فالأوّل الذي هو «سار» مبتدأ ، والثّاني الذي / هو «ذان» فاعل أغنى عن الخبر ، فـ «سار» اسم فاعل من «سرى» ، و «ذان» تثنية «ذا» (٣).
__________________
(١) وهذا بناء على القول بأن أسماء الأفعال أسماء لألفاظ الأفعال أو بأنها أفعال حقيقة ، وهو قول الأخفش وطائفة واختاره ابن مالك. وعلى القول بأنها أسماء لمعاني الأفعال ، فموضعها رفع بالابتداء ، وأغنى مرفوعها عن الخبر ، وهو مذهب بعض النحويين. وعلى القول بأنها أسماء للمصادر النائبة عن الأفعال فموضعها نصب بأفعالها النائبة عنها ، لوقوعها موقع ما هو في موضع نصب ، وهو قول المازني وطائفة. قال الأزهري : والصحيح أنّ كلا منها اسم لفعل وأنه لا موضع لها من الإعراب. ومن ذهب إلى أن أسماء الأفعال أسماء للألفاظ النائبة عن الأفعال هم جمهور البصريين ، ومن ذهب إلى أنها أسماء لمعاني الأفعال من الحدث والزمان هو صاحب البسيط ، ونسبه لظاهر قول سيبويه والجماعة ، ومن ذهب إلى أنها أسماء للمصادر النائبة عن الأفعال هم طائفة من البصريين ، ومن ذهب إلى أنها أفعال حقيقة هم الكوفيون.
انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٥٧ ، ٢ / ١٩٥ ، شرح المرادي : ٤ / ٧٥ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٩٥ ـ ١٩٦ ، حاشية الخضري : ٢ / ٨٩ ، الهمع : ٥ / ١٢١ ، شرح الرضي : ٢ / ٦٧ ، شرح ابن يعيش : ٤ / ٢٥.
(٢) في الأصل : فيكون زيد مبتدأ مؤخر ، والوصف خبر مقدم.
(٣) في الأصل : ذان. انظر شرح المكودي : ١ / ٧٥.