ويشهد له الروايتان (١) الواردتان في الردع عن الاستشهاد بها ، فلا يصحّ الاستدلال بهذه الأخبار لهذا القول.
اللهم إلّا أن يقال بعدم التنافي بدعوى أنّ المقصود بالروايتين رفع توهّم الراوي بل أكثر الناس في ذلك الزمان بثبوت الثمانية عشر حتى للمعتادة ، فأجابه عليهالسلام بعدم دلالة ذلك على ثبوت الثمانية عشر مطلقاً ، ولذا لمّا سأله الراوي في رواية المنتقى (٢) اقتصر على بيان أنّ المعتادة تأخذ عادتها ، فيكشف ذلك عن اهتمامه عليهالسلام بردعهم عن العمل بقضيّة أسماء في المعتادة التي هي أغلب أفراد النفساوات.
والمحصّل من ذلك كلّه : أن ليس في روايات الردع عن العمل بقضيّة أسماء إلا رفع الإيجاب الكلّي ، والمتيقّن منه الردع بالنسبة إلى المعتادة دون غيرها التي يخصّص بها عموم ما دلّ على الثمانية عشر.
إن قلت : على هذا التقدير إن كانت الأسماء معتادةً ، فلا وجه للاستشهاد بقضيّتها لغير المعتادة ، وإن كانت غير معتادة ، كان ما دلّ على الردع عن العمل بقضيّة أسماء معارضاً لما دلّ على الثمانية عشر.
قلت : لنا أن نختار الأوّل ونقول : إنّ الاستشهاد بها لغير المعتادة لمجرّد اشتهارها بين الناس ، وكونها مستندةً مأثورةً عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فإنّ مولانا أبا جعفر عليهالسلام كثيراً ما يسند الحكم إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله ليقع الحكم في قلوب الخاصّة والعامّة ، ولذا كان عليهالسلام قد يسند الحكم إلى جابر بن عبد الله الأنصاري (٣) ، فظهر بذلك كلّه صحّة التمسّك لهذا القول بأخبار
__________________
(١) أي : مرفوعة علي بن إبراهيم وموثّقة الجوهري ، المتقدّمتان في ص ٣٦٩.
(٢) المتقدّمة في ص ٣٧٠.
(٣) انظر : الكافي ٧ : ١١٣ / ٣ ، والتهذيب ٩ : ٣٠٩ / ١١٠٦.