التشبيه في المبغوضية ، أو بارتكاب التأويل ، بدعوى : أنّ المرائي حيث اتّخذ إلهه هواه ، فقد جعل مع الله إلها آخر ، فهو مشرك بهذا الاعتبار.
ولكنّك خبير بما في هذا التوجيه من مخالفة الظاهر ، لأنّ ظاهر حمل الشرك على الرياء كون العمل المأتي به رياء بنفسه شركا ، أي مأتيّا به لله تعالى ولغيره ، فيجب أن يكون مورده العبادة ، لأنّها هي التي يكون الرياء فيها شركا ، سواء كان الرياء جزء سبب الفعل أو تمامه.
أمّا على الأوّل : فواضح.
وأمّا على الثاني : فلوقوع ظاهر العمل لله تعالى ، وباطنه للغير.
هذا ، مع أنّ سوق الرواية يشهد بذلك ، فإنّ المقصود بقوله عليهالسلام :«من عمل للناس كان ثوابه على الناس» (١) هو أن يأتي بعبادة الله للناس ، وإلّا فهو من قبيل إظهار البديهي ، فقوله بعد ذلك : «يا زرارة كلّ رياء شرك» مسوق لبيان مفسدة أخرى لعمله أعظم من حبط أجره ، والتنبيه على أنّ مطلقه مندرج في موضوع القضية المذكورة أوّلا بشهادة قوله عزوجل : «من عمل لي ولغيري فهو لمن عمل له» (٢).
ثمّ ، لو سلّمنا عموم الرياء ، وفسّرنا الشرك بما يناسب العموم ، نقول : لا دليل على حرمة الشرك بهذا المعنى ، غاية الأمر دلالة الرواية على اعتبار الإخلاص في صحّة العبادة وبطلانها بسبب الرياء ، وعدم كون عمل المرائي مقبولا عند الله تعالى ، وأمّا حرمة الفعل بحيث يعاقب عليه فلا تستفاد
__________________
(١) تقدّم مع الإشارة إلى مصادره في ص ٢٢٢.
(٢) تقدّم مع الإشارة إلى مصادره في ص ٢٢٢.