الشرطية على المفهوم ـ فاسدة جدّا ، لأنّ استفادة المفهوم منها مبنيّة على دلالتها على السببيّة المنحصرة ، فيكون مفاد التعليق في قولك : إذا كان الماء كرّا لا ينفعل ، أنّ الشرط في عدم انفعال الماء إنّما هو كونه كرّا لا غير ، فكون المادّة أيضا سببا لعدم الانفعال ينافي ذلك ، فلو ثبت ذلك بدليل آخر فلا بدّ من التصرّف في ظاهر التعليق بنحو من أنحاء التصرّفات.
ولكن الإنصاف أنّ هذه المناقشة ، بل وكذا غيرها من المناقشات التي تقدّمت الإشارة إلى بعضها ، إنّما نشأت من عدم فهم العرف لهذه الشرطية مفهوما ، لأنّ المراد منها على ما يشهد به سياق جلّ الأخبار المشتملة على هذه القضية ليس إلّا بيان أنّ الماء البالغ حدّ الكر لا ينفعل بشيء من عند النجاسات ، لا أنّ عدم انفعال الماء مشروط بالكريّة حتى تدلّ على الانتفاء عند الانتفاء ، كما هو مقتضى ظاهر التعليق.
والحاصل : أنّ أدوات الشرط وإن كانت في حدّ ذاتها ظاهرة في إرادة التعليق ، إلّا أنّ العرف كثيرا مّا لا يساعد على هذا الظاهر ، بل لا يبعد دعوى أنّ المتبادر منها في أغلب موارد استعمالاتها إرادة ترتّب الحكم على موضوع مقدّر لا التعليق الحقيقي.
وهذا لا ينافي كونها بحسب الوضع حقيقة في المعنى الأوّل ، لأنّ ظهورها في هذا المعنى منشؤه خصوصيات الموارد.
وممّا يفصح عن أنّ المتبادر من الشرطية في المقام هو هذا المعنى لا التعليق : أنّه لو قال القائل في ذيل كلّ واحد من هذه الأخبار بعد قوله عليهالسلام :«إذا كان الماء قدر كرّ لا ينجّسه شيء» : وأمّا إذا لم يكن قدر كرّ ففيه