وعن الرضوي : ولا يسخّن له ماء إلّا أن يكون باردا جدّا فتوقي الميّت مما توقي منه نفسك ، ولا يكون الماء حارّا شديدا وليكن فاترا (١).
والتعبير في الروايتين بتوقية الميّت يشعر بأنّ حكمة الحكم احترام الميّت ، وأنّ التسخين حينئذ ليس تعجيلا له بالنار ، بل ينبغي أن يقصد به احترامه ، فيستشمّ من هاتين الروايتين ، وكذا من قوله عليهالسلام في خبر يعقوب : «ولا بعجّل له بالنار» (٢) كون التغسيل بالماء الحارّ منافيا لاحترام الميّت ، لكونه منشأ للتطيّر والتشاؤم ، وهذه الحكمة إنّما تناسب الكراهة لا الحرمة.
ولعلّ هذا هو الوجه في فهم الأصحاب من الروايات الكراهة ، بل لعلّها هي التي تنسبق إلى الذهن من مجموع الروايات بقرينة كونها بحسب الظاهر تعريضا على العامّة الذين جعلوا التسخين شعارا لهم ، كما يشعر بذلك التعبير بلفظ «الحميم» و «التعجيل له بالنار».
وكيف كان فلا بدّ من حمل النهي على الكراهة ، لما عرفت من دعوى غير واحد الإجماع عليها المعتضدة بعدم نقل الخلاف في المسألة ، والله العالم.
وهل تختص الكراهة بالمسخّن بالنار؟ كما هو ظاهر المتن وغيره ، أم تعمّ مطلق المسخّن ولو بالشمس؟ وجهان : من إطلاق الصحيحة
__________________
(١) الفقه المنسوب للإمام الرضا عليهالسلام : ١٦٧ ، مستدرك الوسائل ، الباب ١٠ من أبواب غسل الميّت ، الحديث ١.
(٢) تقدّمت الإشارة إلى مصادره في ص ٢٩٨.