فعطف «النّعل» ، وليست بعضيتها لما قبلها صريحة ، ولكنها بالتأويل ؛ لأن المعنى : ألقى ما يثقله حتى نعله.
وهى بالنسبة إلى الترتيب كالواو ؛ فجائز كون المعطوف بها مصاحبا كقولك : «قدم الحجّاج حتّى المشاة فى يوم كذا أو ساعة كذا» ، وجائز كونه سابقا كقولك : «قدموا حتّى المشاة متقدّمين».
ومن زعم أنها تقتضى الترتيب فى الزمان ، فقد ادعى ما لا دليل عليه ؛ وفى الحديث : «كلّ شيء بقضاء وقدر ، حتّى العجز والكيس» (١) ، وليس فى القضاء ترتيب ، وإنما الترتيب فى ظهور المقضيات.
وقال الشاعر : [من الطويل]
رجالى حتّى الأقدمون تمالثوا |
|
على كلّ أمر يورث المجد والحمدا (٢) |
وأما «أم» المعتمد عليها فى العطف فهى المتصلة ؛ وسميت متصلة ؛ لأن ما قبلها وما بعدها لا يستغنى أحدهما عن الآخر.
وشرط ذلك : أن يقرن ما يعطف بها عليه بهمزة التسوية ، أو بهمزة يطلب بها وب «أم» ما يطلب بـ «أى» ، وعلامة ذلك : صلاحية الاستغناء بها عنها.
فمن لوازم ذلك : كون الناطق بـ «أم» المذكورة مدعيا العلم بنسبة الحكم إلى أحد المذكورين دون تعيين.
وقد يكون مصحوباها اسمين نحو : «أزيد عندك أم عمرو».
أو فعلين لفاعل واحد فى المعنى نحو : «أقام زيد أم قعد».
أو فعلين لفاعلين متباينين كقول الشاعر : [من الخفيف]
ما أبالى أنبّ بالحزن تيس |
|
أم جفانى بظهر غيب (٣) لئيم |
__________________
(١) أخرجه مالك فى الموطأ (٢ / ٨٩٩) كتاب القدر ، باب : النهى عن القول بالقدر (٤) ، ومسلم (٤ / ٢٠٤٥) كتاب القدر ، باب كل شىء بقدر (١٨ ـ ٢٦٥٥) ، والبخارى فى «خلق أفعال العباد» (١٧) ، وأحمد (٢ / ١١٠) ، وابن حبان (٦١٤٩) ، والبغوى فى شرح السنة (٧٢) من حديث ابن عمر مرفوعا.
(٢) البيت بلا نسبة فى الدرر ٦ / ١٣٩ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٤٢٠ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٦١٦ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٣٦.
(٣) البيت لحسان بن ثابت فى ديوانه ص ٨٩ ، والأزهية ص ١٢٥ ، والحيوان ١ / ١٣ ، وخزانة الأدب ١١ / ١٥٥ ، ١٥٧ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ١٤٧ ، والكتاب ٣ / ١٨١ ، والمقاصد ـ