فذهب قوم إلى أنها لتعريف الحضور كما فى قولك : «مررت بهذا الرّجل» ؛ لأن قولك : «الآن «بمعنى هذا الوقت ، وعلى هذا لا تكون زائدة ، وذهب قوم ـ منهم المصنف ـ إلى أنها زائدة ، وهو مبنىّ لتضمنه معنى الحرف ، وهو لام الحضور.
ومثّل ـ أيضا ـ بـ «الذين» ، و «اللّات» والمراد بهما ما دخل عليه «أل» من الموصولات ، وهو مبنى على أنّ تعريف الموصول بالصّلة ؛ فتكون الألف واللام زائدة ، وهو مذهب قوم ، واختاره المصنف ، وذهب قوم إلى أن تعريف الموصول بـ «أل» إن كانت فيه نحو : «الذى» فإن لم تكن فيه فبنيّتها نحو : «من ، وما» إلا «أيّا» فإنها تتعرف بالإضافة ؛ فعلى هذا المذهب لا تكون الألف واللام زائدة ، وأما حذفها فى قراءة من قرأ : (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) فلا يدلّ على أنها زائدة ؛ إذ يحتمل أن تكون حذفت شذوذا وإن كانت معرّفة ، كما حذفت من قولهم : «سلام عليكم» من غير تنوين ـ يريدون «السّلام عليكم».
وأما الزائدة غير اللازمة فهى الداخلة ـ اضطرارا ـ على العلم ، كقولهم فى «بنات أوبر» علم لضرب من الكمأة «بنات الأوبر» ومنه قوله :
__________________
عجيب منهم ؛ لأنهم ألغوا الموجود ، واعتبروا المعدوم ، وقال قوم : بنى «الآن» لضمنه معنى الإشارة ؛ فإنه بمعنى هذا الوقت ، وهذا قول الزجاج ، وقيل : بنى «الآن» لشبهه بالحرف شبها جموديا ، ألا ترى أنه لا يثنى ولا يجمع ولا يصغر؟ بخلاف غيره من أسماء الزمان كحين ووقت وزمن وساعة ؛ ومن الناس من يقول : الآن اسم إشارة إلى الزمان ، كما أن هنا اسم إشارة إلى المكان ؛ فبناؤه على هذا لتضمنه معنى كان حقه أن يؤدى بالحرف ، ومن النحاة من ذهب إلى أنه معرب ، وأنه ملازم للنصب على الظرفية وقد يخرج عنها إلى الجر بمن ، فيقال : سأحالفك من الآن ، بالجر ، ويقول صاحب النكت : «وهذا قول لا يمكن القدح فيه ، وهو الراجح عندى ، والقول ببنائه لا توجد له علة صحيحة» اه.