فنقول : إن كانت الياء ثالثة والساكن قبلها حرف صحيح فلا يخلو من أن يكون مع التاء كظبية أولا كظبى ؛ فالمجرد لا تغيير فيه اتفاقا لحصول الخفة بسكون العين وصحتها ، ولعدم ما يجرىء على التغيير من حذف التاء ، وأما الذى مع التاء فسيبويه والخليل ينسبان إليه أيضا بلا تغيير سوى حذف التاء ، فيقولان : ظبيّ وقنييّ ورقيىّ ، وكذا فى الواوىّ غزوىّ وعروى ورشوىّ ؛ لسكون عين جميعها ، إذ التخفيف حاصل والأصل عدم التغيير ، وكان يونس يحرك عين جميع ذلك واويا كان أو يائيا بالفتح ، أما فى اليائى فلتخفّ الكلمة بقلب الياء واوا ، وخص ذلك بالثلاثى ذى التاء ، أما الثلاثى فلأن مبناه على الخفة فطلبت بقدر الممكن ، فلا تقول فى إنقضية (١) إلّا إنقضيىّ ، وأما ذو التاء فلأن التغيير بحذف التاء جرّا على التغيير بالفتح ، مع قصد الفرق بين المذكر والمؤنث كما ذكرنا فى فعيل وفعيلة ، وأما الفتح فى الواوى فحملا على اليائى ، والذى حمل يونس على ارتكاب هذا في اليائى والواوى مع بعده من القياس قولهم فى القرية قروىّ وفى بنى زنية وبنى البطية ـ وهما قبيلتان (٢) ـ زنوىّ وبطوىّ ، وكان الخليل يعذر يونس فى ذوات الياء دون ذوات الواو ، لأن ذوات الياء بتحريك عينها تنقلب ياؤها واوا ، فتخف شيئا ، وإن كان يحصل بالحركة أدنى ثقل ، لكن ما يحصل بها من الخفة أكثر مما يحصل من الثقل ، وأما ذوات الواو فيحصل بتحريك عينها ثقل من دون خفة ، ولم يرد به أيضا سماع كما ورد فى اليائى قروى وزنوى وبطوى ، ومع ذلك فاختيار الخليل ما ذكرنا أولا
__________________
(١) يريد ما تبنيه من قضى على مثال إنقحلة ، وهى مؤنث إنقحل ، وقد مضى قريبا (انظر ص ٤٣)
(٢) ذكر فى القاموس واللسان أن بنى زنية حى ، وذكر عن ابن سيده أن البطية لا يدرى موضوعها ، وأن سيبويه قد حكاها ، وخرجها ابن سيده على أن تكون من أبطيت لغة فى أبطأت ، ولم يذكر واحد منهما أن بنى البطية قبيلة