وحُرم المسلمون بوفاته من حمايته ودفاعه ، ووقايته.
* * *
أجل لقد فَقَد رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم حاميه العظيم الّذي تولى مهمة كفالته والدفاع عنه ، والمحافظة على حياته بصدق واخلاص وجدّ ورغبة وكان يقيه بنفسه وذويه ويؤثره على نفسه وأولاده وينفق عليه من ماله حتّى كَبُرَ وصار له مال وطول منذ أن كان صلىاللهعليهوآلهوسلم في السنة الثامنة من عمره وحتّى يوم وفاة ذلك الحامي العظيم ، ورسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم في الخمسين من عمره.
لقد فَقَد رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم شخصيةً خاطبها عبدُالمطلب عند وفاته بالشعر قائلا :
اُوصِيكَ يا عَبدَ مناف بعدي |
|
بموحد بَعدَ أبيهِ فَردِ |
فأجابه أبو طالب قائلا : يا أبَه لا توصِيَّنِ بمحمّد فانه إبني وابن أخي (١).
ولعلّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قد تذكر في اللحظة الّتي ظهر فيها على جبين ابي طالب عرقُ الموت جميع الحوادث الحلوة والمرة وقال في نفسه :
١ ـ إن هذا الشخص المسجّى على فراش الموت هو عمّه الرؤوف الّذي ظلَّ يحرسه بالليل والنهار طيلة سنوات الحصار في الشعب ، فاذا جاء الليل قام عند رأسه بالسيف يحرسه. ورسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم مضطجع ثم يقيمه من فراشه إذا مضى شطرٌ من الليل ويضجعه في موضع آخر ويضجع مكانه ولده « علي بن أبي طالب » حتّى لا تغتاله قريش بعد أن رَصَدوا مكانه ، وكمنوا له ، وكان يفعل أبو طالب ذلك طوال الليل كله فيفديني بولده « علي » ويقيني به حتّى إذا قال له « عليٌ » ليلة :
« يا أبتاه إني مقتول ذات ليلة ».
فأجابه أبو طالب بنبرة المتحمّس الصبور :
__________________
١ ـ عمدة الطالب : ص ٦ وفيه : بواحد ، المناقب : ج ١ ، ص ٢١.