مرات عديدة بالسُفن الفضائية ١.
فلا إستحالة ولا امتناع في هذه الأمور ، بل الإمكان ظاهر بالعيان في صعود أبسط إنسان. فكيف بعروج رسول الله صلى الله عليه وآله الذي هو متفوَّق على البشر روحاً وجسماً ٢.
مع ما ستعرف أن معراجه ظاهرة إعجازية وكرامة إلهيّة ، تحقَّقت بقدرة الله تعالى القادر على كل شيء والغالب على كل أمر.
فالمعراج ممكن قطعاً ، ولا استحالة فيه أبداً ، ولا إستبعاد فيه إطلاقاً ، شأن سائر معاجزه الباهرة وكراماته الزاهرة.
وللعلامة المجلسي كلام لطيف في الردِّ على الإستبعاد العقلي لمعراج النبي صلى الله عليه وآله ؛ قال فيه :
«انه كما يستبعد في العقل صعود الجسم الكثيف من مركز العالم إلى ما فوق العرش ، فكذلك يستعبد نزول الجسم اللطيف الروحاني من فوق العرش إلى مركز العالم. فإن كان القول بمعراج محمد صلى الله عليه وآله في الليلة الواحدة ممتنعاً في العقول ، كان القول بنزول جبرئيل من العرش إلى مكة في اللحظة الواحدة ممتنعاً أيضاً.
ولو حكمنا بهذا الإمتناع كان طعناً في نبوة جميع الأنبياء عليهم السلام ، والقول بالمعراج فرع على تسليم جواز أصل النبوة ....
أن هذه الحركة لمّا كانت ممكنة الوجود في نفسها ، وجب أن لا يكون حصولها في جسد محمد صلى الله عليه وآله ممتنعاً ، لأنّا قد بيَّنا أن الأجسام متماثلة في تمام ماهيتها. فلما صحَّ حصول مثل هذه الحركة في حق بعض الأجسام ، وجب إمكان حصولها في سائر الأجسام.
فيلزم من مجموع هذهالمقدمات ، أن القول بثبوت المعراج أمر ممكن الوجود في نفسه.
__________________
١. وقد ملأت الدنيا الأخبار المتواترة في السنوات الأخيرة بغزو الفضاء والوصول إلى كرات السماء. وقد استُفيد إمكان النفوذ إلى أقطار السماوات والأرض من الإستثناء في قوله تعالى في سورة الرحمن : الآية ٣٣ : (يا معشر الجنِّ والإنس إن استَطَعتُم أن تَنقُذوا مِن أقطار السماوات والأرض فانفُذوا لا تَنفُذون إلا بسلطان). العلوم الطبيعيِّة في القرآن : ص ١٦٧.
٢. لاحظ أحاديث خلقتهم النورانية وطينتهم العلِّية تحت عنوان : «خلقكم الله أنواراً فجعلكم بعرشه محدِقين» في شرح الزيارة الجامعة : ص ٤٣٨ ، وأحاديث خصائصه الجسمية في الكافي : ج ١ ص ٣٨٩.