أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً ؛ كَلَّا سَنَكْتُبُ ما يَقُولُ) (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا ، كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ).
وقد تتعين للردع أو الاستفتاح نحو (رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ ، كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ) لأنّها لو كانت بمعنى حقا لما كسرت همزة إنّ ، ولو كانت بمعنى نعم لكانت للوعد بالرجوع لأنها بعد الطلب كما يقال «أكرم فلانا» فتقول «نعم» ونحو (قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ، قالَ كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ) وذلك لكسر إن ، ولأن نعم بعد الخبر للتصديق.
وقد يمتنع كونها للزجر نحو (وَما هِيَ إِلَّا ذِكْرى لِلْبَشَرِ ، كَلَّا وَالْقَمَرِ) إذ ليس قبلها ما يصح ردّه
وقول الطبرى وجماعة إنه لما نزل فى عدد خزنة جهنم (عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ) قال بعضهم : اكفونى اثنين وأنا أكفيكم سبعة عشر ؛ فنزل (كَلَّا) زجرا له قول متعسف ؛ لأن الآية لم تتضمن ذلك.
تنبيه ـ قرىء (كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ) بالتنوين ، إما على أنه مصدر كلّ إذا أعيا ، أى كلّوا فى دعواهم وانقطعوا ، أو من الكل وهو الثقل ، أى حملوا كلّا ، وجوز الزمخشرى كونه حرف الردع ونوّن كما فى (السَّلاسِلُ) وردّه أبو حيان بأن ذلك إنما صحّ فى (السَّلاسِلُ) لأنه اسم أصله التنوين فرجع به إلى أصله للتناسب ، أو على لغة من يصرف مالا ينصرف مطلقا ، أو بشرط كونه مفاعل أو مفاعيل ، اه.
وليس التوجيه منحصرا عند الزمخشرى فى ذلك ، بل جوز كون التنوين بدلا من حرف الإطلاق المزيد فى رأس الآية ، ثم إنه وصل بنية الوقف ، وجزم بهذا الوجه فى (قَوارِيرَا) وفى قراءة بعضهم (وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ) بالتنوين ، وهذه القراءة مصحّحة لتأويله فى كلا ، إذ الفعل ليس أصله التنوين.