أنّه إخبار عن عدم الوجوب ، ولكن يدفعه التأمل في الحكمة الباعثة على وضع الخمس ، وما دلّ من الأخبار على أنّ الله تعالى حرّم الزكاة على بني هاشم تشريفاً لهم ، وتنزيهاً إياهم عن أوساخ الناس ، وتوفيراً لحقّهم على غيرهم من جهة المقدار والمحل كليهما ؛ (١).
فإذا كان ذلك ساقطاً عن الشيعة ، فيبقى فقراء بني هاشم أسوأ حالاً من سائر الخلق ؛ لأنّ المخالفين مع قلّة ما يتعلّق به الخمس عندهم لأنّهم لا يقولون بخمس الأرباح ؛ وهو الغالب النافع في الغالب ، ولا المال المختلط ، ولا في أرض الذمّي التي اشتراها من مسلم الغالب أنّهم لا يعطون خمسهم للشيعة ، وسيّما من كان منهم في بلاد التشيّع ، مع ما ثبت من شرف بني هاشم ، وكثرة اهتمام النبي صلىاللهعليهوآله بحالهم ، وجعل الموادّة معهم أجر الرسالة ، وما ورد من الأخبار الكثيرة في صلة الذرية الطيبة ، فكيف يمكن القول بسقوط حقوقهم بالمرّة أو في الأغلب ، مع أنّ الأصل الثابت بالكتاب والسنة المتواترة والإجماع كيف يخرج عنه بمثل هذه الأخبار ، وسيّما الأصل عدم السقوط.
فيشبه أن يكون الباعث لصدور هذه الأخبار ، هو طغيان أهل الجور ، واغتيال السلطان لأموالهم ، وتصرّف الظلمة في الأنفال والأخماس.
فالعفو إمّا لأجل أنّ المخالفين إذا كانوا يأخذون منهم فلا يجب عليهم ثانياً كما في الخراج والزكاة ، وإمّا لأجل أنّ ما يعاملون معهم في تلك الأموال ويصل إليهم لا غائلة فيه كما في شراء الزكاة والخراج.
مع أنّ الظاهر من بعض تلك الأخبار أنّ ذلك التحليل كان منهم «عند إعواز المال وعدم الاقتدار ، وأنّ العفو من صاحب الحقّ من حقّه ، مع احتمال حقّ غيره أيضاً حينئذٍ.
ويظهر من بعضها : أنّه كان للخوف والتقيّة ، ومن بعضها : أنّ ذلك كان عفواً من صاحب الحقّ عليهالسلام في ماله الذي أتلفه السائل ، وعدم تمكّنه من الإيصال.
__________________
(١) الوسائل ٦ : ١٨٨ أبواب المستحقّين للزكاة ب ٣١.