العرب : مطرنا ما زبالة فالثعلبية (١) ، بحذف «بين» مع كونه مرادا ، ويقيم (٢) المضاف إليه مقام المضاف ويعربه بإعرابه ؛ وهذا كما تقول : هي أحسن الناس ما بين قرن إلى قدم ؛ وما بين قرن فقدم ، وما قرنا فقدما ، ولا يجوز حذف «ما» لكونه موصولا فلا تقول : مطرنا زبالة فالثعلبية ، ولا : هي أحسن الناس قرنا فقدما ، وحكي اجازته عن هشام (٣) ؛
ومثل قوله :
٨٧٢ ـ قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل |
|
بسقط اللوى بين الدخول فحومل (٤) |
فتوضح فالمقراة لم يعف رسمها |
|
لما نسجتها من جنوب وشمأل |
الفاء فيه بمعنى «إلى» ، أي : منازل بين الدّخول إلى حومل ، إلى توضح إلى المقراة ؛
فإن قلت : كيف هذا وأنت لا تقول : خرجت إلى زيد إلى عمرو ، إذ الفعل لا يتعلق به حرفا جرّ بمعنى واحد ، كما مرّ ، بلا عطف ،
قلت : يستعمل في تحديد الأماكن ، نحو قولك : اشتريت ما بين الموضع الفلاني ، إلى دار زيد ، إلى دار عمرو ، إلى دار خالد ؛ بحذف الواو تخفيفا ، لدلالة الكلام عليه ؛ قال النابغة الجعدي :
٨٧٣ ـ أيا دار سلمى بالحرورية اسلمي |
|
إلى جانب الصّمّان فالمتثلّم (٥) |
أقامت به البردين ثم تذكرت |
|
منازلها بين الدّخول فجرثم |
ومسكنها بين العروب إلى اللوى |
|
إلى شعب ترعى بهنّ فغيهم |
__________________
(١) مكانان بالعراق ؛
(٢) أي المتكلم بهذا الأسلوب الذي حكاه الزجاجي ؛
(٣) هشام بن معاوية الضرير ، تقدم ذكره ؛
(٤) مطلع معلقة امرئ القيس ، وتكرر الاستشهاد بأبياتها في هذا الشرح ؛ والدخول وحومل ، وتوضح ، والمقراة ، كلها أسماء أمكنة ؛
(٥) الأبيات الثلاثة مطلع قصيدة للنابغة الجعدي ؛ وفي ألفاظها اختلاف في الرواية كما أن في ترتيبها هكذا خلاف أيضا ، وكل ما فيها أسماء لأمكنة ، والبردين تثنية برد ، والمراد : البرد في أول النهار والبرد في آخره ؛