وأمّا قوله تعالى : (نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ)(١) ، فنشهد ، محمول على نعلم لأن أصل الشهادة أن تكون عن علم ، ونشهد ، معلق ، كعلمت ، في نحو : علمت لزيد قائم ، إلا أن شهدت ، لا ينصب المفعولين نصب علمت ، فلا تقول : شهدت زيدا قائما ؛
وعلمت ، يجري مجرى القسم على ضعف ، فتقول ، إذن ، علمت إن زيدا قائم بكسر إن ، وكذا شهدت ، تقول ، في الشعر ، أشهد إنك ذاهب ، والمشهور الفتح فيهما ؛
وكذا ، قد يجيء : أشهد لقد رأيته كذا ، كأنه قيل : والله لقد رأيته ، وكذا : أشهد لأخرجنّ ، قال :
ولقد علمت لتأتينّ منيتي |
|
ان المنايا لا تطيش سهامها (٢) ـ ٧٠٠ |
وقد يقال : ظننت لتموتنّ ، لكونه بمعنى علمت ، وإجراؤها مجرى القسم ضعيف ، كما أن حذف اللام المعلّقة بعدها ضعيف ، كعلمت : زيد قائم ، وشهدت : زيد فاضل ، كقوله :
إني وجدت ملاك الشيمة الأدب (٣) ـ ٦٩٧
والدليل على جواز إجراء الشهادة مجرى اليمين قوله تعالى : (فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ)(٤) ، ففي قولك : شهدت أن زيدا لقائم ، وأشهد : لزيد قائم ، يجوز أن يكون «شهدت» فيه معلّقا كظننت لزيد قائم ، ويجوز أن يكون مجرى مجرى القسم ، واللام ، وإنّ ، جوابه ، ولا يجوز إجراء شهدت مع الباء مجرى علمت ، نحو : أشهد بان زيدا لقائم ، لأن حرف الجرّ لا يعلّق ، ولا يجوز : أشهد أنه ذاهب وإنك لقائم ، لعطفك الجملة على المفرد (٥) ؛
__________________
(١) أول سورة : المنافقون ؛
(٢) تقدم في هذا الجزء ص ١٦٠ وهو من شعر لبيد بن ربيعة ؛
(٣) تقدم أيضا في هذا الجزء ، ص ١٥٦
(٤) الآية ٦ سورة النور ؛
(٥) في النسخة المطبوعة : لعطفك الجملة على الجملة ، وجاء في بعض النسخ : على المفرد ، وهو ما أثبتناه ؛