وقد يجيء بعد الجملة الاسمية قرينة دالة على الجواب ، فيحذف ، وليست من حيث المعنى بجواب كالمذكورين ، وذلك كقوله تعالى : (وَالْفَجْرِ. وَلَيالٍ عَشْرٍ)(١) ، أي : ليؤخذنّ ، وليعاقبنّ ، لدلالة قوله : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ)(٢) ، الآية ، عليه (٣) ؛
وقد تحذف الجملة القسمية ، لكون ظرف من معمولات الفعل الواقع جوابا ، دالّا عليها ، نحو : لا أفعله عوض ، وعوض العائضين ، وإنما كان كذلك لكثرة استعمال «عوض» مع القسم ، مع أن معناه : أبدا ، والبتّة ، ففيه من التأكيد ما يفيد فائدة القسم ، ولأجل إفادته فائدته قد يقدّم على عامله قائما مقام الجملة القسمية وإن كان عامله مقترنا بحرف يمنع عمله فيما تقدمه ، كنون التأكيد و «ما» ، فيقال : عوض لآتينك ، وعوض ما آتيك لغرض سدّه مسدّ القسم ؛ كما يجيء في حروف الشرط نحو : أمّا يوم الجمعة فإن زيدا قادم ، وقد يستعمل في غير القسم كقوله :
٨٠٥ ـ هذا ثنائي بما أوليت من حسن |
|
لا زلت عوض قرير العين محسودا (٤) |
ويقوم مقام الجملة القسمية ، أيضا ، بعض حروف التصديق ، وهو : «جير» بمعنى «نعم» ، والجامع (٥) : أن التصديق توكيد وتوثيق كالقسم ، تقول : جير ، لأفعلنّ ، كأنك قلت : والله لأفعلنّ ؛ وهي مبنيّة على الكسر ، وقد تفتح ككيف ، وليست اسما بمعنى «حقّا» خلافا لقوم ، وبناؤهما عندهم ، لموافقة «جير» الحرفية لفظا ومعنى ؛ ولا يكفي في البناء : الموافقة اللفظية ، ألا ترى إعراب «إلى» بمعنى النعمة ؛
__________________
(١) الآيتان : الأولى والثانية من سورة الفجر ؛
(٢) الآية ٦ من سورة الفجر ؛
(٣) متعلق بقوله : لدلالة ؛ يعني أن الآية : ألم تر كيف دليل على جواب القسم الذي قدره ؛
(٤) من أبيات قالها ربيعة بن مقروم الضبيّ في مدح مسعود بن سالم بن أبي سلمى ، وكان ربيعة قد وقع فى الأسر وأخذ ماله مخلصه مسعود وردّ إليه ماله فقال هذه الأبيات التي يقول فيها : متحدثا عن راحلته.
لما تشكت إلي الأين قلت لها |
|
لا تستر بحين ما لم ألق مسعودا |
وحتمها بالبيت المستشهد به.
(٥) أي الوجه المشترك بين القسم وبعض حروف التصديق التى يقوم مقامه