واشتريت ؛ والفرق بين «بعت» الإنشائي ، و : «أبيع» المقصود به الحال ، أن قولك : أبيع ، لا بدّ له من بيع خارج حاصل بغير هذا اللفظ ، تقصد بهذا اللفظ مطابقته لذلك الخارج ، فإن حصلت المطابقة المقصودة فالكلام صدق ، وإلا فهو كذب ، فلهذا قيل : إن الخبر محتمل للصدق والكذب ، فالصدق محتمل اللفظ من حيث دلالته عليه ، والكذب محتمله ولا دلالة للّفظ عليه ؛ وأما : «بعت» الإنشائي فإنه لا خارج له تقصد مطابقته ، بل البيع يحصل في الحال بهذا اللفظ ، وهذا اللفظ موجد له ، فلهذا قيل : إن الكلام الإنشائي لا يحتمل الصدق والكذب : وذلك لأن معنى الصّدق : مطابقة الكلام للخارج ، والكذب : عدم مطابقته له ، فإذا لم يكن هناك خارج ، فكيف تكون المطابقة وعدمها.
واعلم أن الماضي ينصرف إلى الاستقبال بالإنشاء الطلبي : إمّا دعاء ، نحو : رحمك الله ، وإمّا أمرا ، كقول علي رضي الله عنه في النهج : «أجزأ امرؤ قرنه ، وآسى آخاه بنفسه» (١) ؛ وينصرف إليه أيضا ، بالاخبار عن الأمور المستقبلة مع قصد القطع بوقوعها ، كقوله تعالى : (وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ)(٢) ؛ و : (وسيق الذين ..)(٣) ، والعلة في الموضعين : أنه من حيث إرادة المتكلم لوقوع الفعل قطعا : كأنه وقع ومضى ، ثم هو يخبر عنه. وينصرف إليه ، أيضا ، إذا كان منفيا بلا ، أو إن ، في جواب القسم ، نحو : والله لا فعلت ، أو : إن فعلت ، فلا يلزم تكرير «لا» ، كما يلزم في الماضي الباقي على معناه ، قال :
__________________
(١) هذا مما جاء في نهج البلاغة ، وهو من خطبة للامام علي رضي الله عنه يحرض فيها أصحابه على القتال ، وصوابه كما أثبتناه : وآسى بالعطف على أجزأ ، ومعناه : ليجزئ كل واحد منكم قرنه أي خصمه في الحرب ، وليواس زميله في الحرب بنفسه ولا يتركه لعدوه ، انظر نهج البلاغة ص ١٤٩ طبع مطابع الشعب بالقاهرة ، اخراج الأستاذين : محمد البنا. ومحمد عاشور. وهي الطبعة التي ننقل عنها في تعليقاتنا على هذا الشرح ، ثم انظر ما كتبناه في المقدمة عن استشهاد الرضي بكلام الإمام علي ، وما قيل في نسبة نهج البلاغة إليه رضي الله عنه.
(٢) الآية ٤٤ سورة الأعراف.
(٣) صدر كل من الآيتين : ٧١ ، ٧٣ في سورة الزمر.