يزعمون أنّهم من هذه
الأمة كلّ يتقرّب إلى الله ـ عزّ وجل ـ بدمه ، وهو يذكّرهم بالله فلا يتّعظون ، حتى
قتلوه بغياً وظلماً وعدواناً.
ثم قال : رحم الله العباس فلقد آثر
وأبلى وفدى أخاه بنفسه ، حتى قطعت يداه ، فأبدله الله ـ عزّ وجل ـ منهما جناحين
يطير بهما مع الملائكة في الجنة كما جعل لجعفر بن ابي طالب عليهالسلام ، وإنّ للعباس عند
الله ـ تبارك وتعالى ـ منزلة يغبطه بها جميع الشهداء يوم القيامة.
قال السيد المقرم رحمهالله : لقد كان من عطف
المولى ـ سبحانه وتعالى ـ على وليه المقدس ، سلالة الخلافة الكبرى ، سيد الأوصياء ،
أن جمع فيه صفات الجلالة من بأس وشجاعة وإباء ونجدة ، وخلال الجمال من سؤدد وكرم
ودماثة في الخلق وعطف على الضعيف ، كلّ ذلك من البهجة في المنظر ووضاءة في المحيا
، من ثغر باسم ، ووجه طلق ، تتموج عليه أمواه الحسن ، ويطفح عليه رواء الجمال ، وعلى
أسرة جبهته أنوار الايمان ، كما كانت تعبق من أعراقه فوائح المجد متأرجة من طيب
العنصر ، ولما تطابق فيه الجمالان الصوري والمعنوي قيل : له «قمر بني هاشم»
حيث كان يشوء بجماله كلّ جميل ، ويبذ بطلاوة منظره كلّ أحد ، حتى كأنّه الفذ في
عالم البهاء ، والوحيد في دنياه ، كالقمر الفائق بنوره أشعة النجوم ، وهذا هو حديث
الرواة :
«كان العباس وسيماً ، جميلاً ، يركب
الفرس المطهم ورجلاه يخطان في الأرض ويقال له : قمر بني هاشم» .
قال مؤلف «تذكرة الشهداء» : يكفى هذا
الأبيّ العظيم شرفاً أنّه ابن أسد الله ، وأخو قرطا عرش الله ، وما أعظم فضله
ومعرفته حتى كني بأبي الفضل ، وليس ذاك لأنّه كان له ولد اسمه الفضل فحسب ، بل
لأنّه نال مراتب العلم والمعرفة والفضل.
__________________