جالسة بين يدي أمها ، وهي تمشط رأسها ، وفاطمة تقول : يا أماه إنّي رأيت في منامي رؤيا البارحة.
فقالت لها أمها : خير رأيت ـ يا بنية ـ قصيها عليّ.
فوقف حزام في مكانه بحيث يسمع الصوت ولا يراه أحد.
فقالت فاطمة لأمها : إني رأيت فيما يرى النائم ؛ كأني جالسة في روضة ذات أشجار مثمرة وأنهار جارية ، وكانت السماء صاحية ، والقمر مشرقاً ، والنجوم ساطعة ، وأنا أفكر في عظمة خلق الله ، من سماء مرفوعة بغير عمد ، وقمر منير ، وكواكب زاهرة ، فبينما كنت في هذا التفكير ونحوه ، وإذا أرى كأنّ القمر قد انقض من كبد السماء ووقع في حجري ، وهو يتلألأ نوراً يغشي الأبصار ، فعجبت من ذلك ، واذا بثلاثة نجوم زواهر قد وقعوا أيضاً في حجري ، وقد أغشى نورهم بصري ، فتحيرت في أمري مما رأيت ، واذا بهاتف قد هتف بي ، أسمع منه الصوت ولا أرى الشخص ، وهو يقول :
بشراك فاطمة بالسادة الغرر |
|
ثلاثة أنجم والزاهر القمر |
أبوهم سيد في الخلق قاطبة |
|
بعد الرسول كذا قد جاء في الخبر |
فلما سمعت ذلك ذهلت وانتبهت فزعة مرعوبة ، هذه رؤياي يا أماه فما تأويلها؟!
فقالت لها أمها : يا بنية ؛ إن صدقت رؤياك ، فانك تتزوجين برجل جليل القدر ، رفيع الشأن ، عظيم المنزلة عند الله ، مطاع في عشيرته ، وترزقين منه أربعة أولاد ، يكون أولهم وجهه كأنّه القمر ، وثلاثة كالنجوم الزواهر.
فلما سمع حزام ذلك أقبل عليهما وهو مبتسم ويقول :
هذا عقيل بن أبي طالب جاء يخطب ابنتك للامام علي عليهالسلام وقد استمهلته حتى أسألك عن ابنتك ؛ هل تجدين فيها كفاءة بأن تكون زوجة لأمير المؤمنين عليهالسلام؟