(٥٦٨) تكلّم على قوله في أول كتاب الشفاء : «إن الفلسفة تنقسم إلى حكمة نظرية وحكمة عمليّة ، فقد جعل الحكمة العملية فيها أيضا نظرا (١٥٢) ومعرفة ، فجعل غايتهما المعرفة ـ والحكمة العملية عمل لا نظر ، قد أجمع على هذا الأولون والآخرون؟
(٥٦٩) ما أكثر ما وقع (١٥٣) للناس من الغلط باشتراك (١٥٤) الأسماء المستعملة في تعاليم الفلسفة على اشتراكها (١٥٥) ، وخصوصا حيث يقال : «نظري» و «عملي» في مواضع مختلفة ، ويدل بها على دلائل مختلفة؟! ولا اطوّل ما أنا فيه ببيان ذلك (١٥٦) ، فإن اشتهى ذلك مشته أمكنه سماعه شفاها.
(٥٧٠) وقد وقع ذلك في استعمال لفظ (١٥٧) «العملي» مركبة بلفظة «الحكمة» ، أعني إذا قيل : «حكمة عمليّة» فإن ذلك يدل عند الفلاسفة على معنيين.
ولخفاء ذلك على أبي حامد الاسفزاري (١٥٨) ظنّ أن أحد (١٥٩) الفضائل التي هي الحكمة العملية لم يحسن من أوجب فيها التوسط ، وجعل الازياد في معرفة الواجبات العملية رذيلة ، فبناء أمره على أن الفضائل ثلاثة : حكمة وشجاعة وعفّة ؛ وجعل الشجاعة والعفّة واسطتين وجعل الحكمة غير واسطة.
وأما وجه هذا الاشتراك : فإن الحكماء إذا قالوا : «إن (١٦٠) الفضائل ثلاثة
__________________
(١٥٢) عشه ، ل : نظر. (١٥٣) ل : ما اوقع.
(١٥٤) عشه ، ل : لاشتراك.
(١٥٥) ل : اشتراكهما. (١٥٦) «ذلك» ساقطة من ل.
(١٥٧) ل ، عشه : لفظة. (١٥٨) عشه ، ب : الاسفرارى. ل : الاسفراوى.
(١٥٩) ل ، عشه ، ى : احدى.
(١٦٠) «ان» ساقطة من عشه.
__________________
(٥٦٨) راجع الشفاء : المدخل ، م ١ ، ف ٢ ، ص ١٤. وأيضا الإلهيات : م ١ ، ف ١ ، ص ٣.
(٥٧٠) أبو حامد أحمد بن إسحاق الاسفزاري. ترجم له البيهقي (أخبار الحكماء : ٨٣) قائلا : «الحكيم المتقي والفيلسوف المبرز ؛ له تصانيف في الرياضيات والمعقولات ؛ كلامه في تصانيفه منقح لا غبار عليه ولا يشوبه ضعف». ثم نقل شيئا من كلماته. وذكره أيضا الشهرزوري (نزهة الارواح : ٢ / ٢٨).
قال الياقوت : «الاسفزار ـ بفتح الهمزة وسكون السين والفاء تضم وتكسر وزاء وألف وراء ـ مدينة من نواحي سجستان من جهة هراة».