شميل: الخرطوم الخمر أي سنسمه على شربها. وسمي الخمر خرطوما كما قيل لها السلافة وهو ما سلف عن عصير العنب ، أو لأنها تطير في الخياشيم وتؤثر فيها. ومنهم من قال في الآخرة نعلمه فعبر عن سواد الوجه كله بسواد الخرطوم. ومنهم من قال في الدارين أي سنشهره بهذه السمة وهي أنّه (حَلَّافٍ) إلى (زَنِيمٍ) فلا يخفى كما لا تخفى السمة على الخرطوم. ولا شك أن هذه الأوصاف الذميمة وتبعاتها بقيت في حق الوليد بن المغيرة في الدنيا والآخرة كالوسم على الأنف والوسم على الجبهة. ثم بين أنه إنما أعطى رؤساء مكة الآلاء ليواظبوا على شكر نعم الله وإلا صب عليهم بدل الآلاء البلاء ومكان السراء الضراء. وهذه صورة الابتلاء كما أنه كلف أصحاب الجنة ذات الثمار أن يشكروا ويعطوا الفقراء حقوقهم ، يروى أن واحدا من ثقيف وكان مسلما كان ملك ضيعة فيها نخل وزروع بقرب صنعاء ، وكان يجعل منها نصيبا وافرا للفقراء ، فلما مات ورثها منه بنوه ثم قالوا: عيالنا كثير والمال قليل فلو فعلنا ما كان يفعل أبونا ضاق علينا (لَيَصْرِمُنَّها) أي ليقطعن ثمر نخيلها في وقت الصباح (وَلا يَسْتَثْنُونَ) أي لا يقولون «إن شاء الله» وأصله من الثني وهو الرد كأن الحالف يرد انعقاد اليمين بالثنيا. ولعلهم إنما لم يقولوا إن شاء الله لوثوقهم بالتمكن من صرامها. هذا قول الأكثرين. وزعم الآخرون أن المراد يصرمون كل ذلك ولا يستثنون للمساكين من جملته ذلك القدر الذي كان يدفع أبوهم إليهم (فَطافَ عَلَيْها) عذاب (طائِفٌ مِنْ) حكم (رَبِّكَ) أو بعض من عذاب ربك ، والطائف لا يكون إلا ليلا. قال الكلبي: أرسل الله عليها نارا من السماء فاحترقت (وَهُمْ نائِمُونَ فَأَصْبَحَتْ) الجنة (كَالصَّرِيمِ) «فعيل» بمعنى «فاعل» أو معنى «مفعول» والأول قول من قال إنها لما احترقت صارت سوداء كالليل المظلم ، أو سمي الليل صريما لأنه يصرم نور البصر فيقطعه أو لأنه يقطع بظلمته عن التصرف ، وقيل: النهار يسمى أيضا صريما لأن كل واحد من الملوين ينصرم بالآخر فالصريم بمعنى الصارم. ووجه التشبيه أنها يبست وذهبت خضرتها أو لم يبق منها شيء من قولهم «صرم الإناء» إذا أفرغه. والثاني وهو الأولى قول من قال إنها لما احترقت كانت شبيهة بالمصرومة في هلاك الثمرة وإن كان أثر الاحتراق مغايرا لأثر الصرم. وقال الحسن: أي صرم عنها الخير: وقيل: الصريم من الرمل قطعة ضخمة تنصرم عن سائر الرمال وجمعه الصرائم شبهت الجنة وهي محترقة لا ثمر فيها ولا خير بالرملة المنقطعة عن الرمال وهي ما لا تنبت شيئا ينتفع به. قال مقاتل: لما أصبحوا قال بعضهم لبعض (اغْدُوا عَلى حَرْثِكُمْ) وعنوا بالحرث الزرع والثمار والأعناب ولذلك قالوا (صارِمِينَ) لأنهم أرادوا قطع الثمار من هذه الأشجار وضمن الغدو معنى الإقبال فلهذا عدي بعلى أي أقبلوا على حرثكم باكرين ، أو