لكون المعرفة المذكورة عند السامع مجهولة كالنكرة ، وذلك كما حكى سيبويه (١) أنه يقال : ذهبت معهم ، فيقال : مع منين ، ويقال : قد رأيته فتقول : منا ، ويقال : خلف دار عبد الله ، فيقال : دارمني ؛
أمّا الأعلام المذكورة بعد «من» ، ففيها مذهبان : مذهب أهل الحجاز ، ومذهب بني تميم ؛ فأهل الحجاز يحكون العلم بعد «من» بشروط ، (٢) وإنما خصوا الحكاية بالعلم ، دون غيره من المعارف ، لأن وضع الأعلام على عدم الاشتراك ، بخلاف سائر المعارف ، فإن كلّ واحد منها لأيّ معيّن كان ، كما يأتي في باب المعارف ، والحكاية لدفع الاشتراك ، فكانت بالأعلام أنسب ؛
والشروط المذكورة : ألّا يكون المسئول عنه منعوتا ولا مؤكدا ولا مبدلا منه ولا معطوفا عليه عطف البيان ، فإن إعادة هذه المتبوعات مع توابعها تغني عن حكاية إعرابها ، إذ يعرف المخاطب أن المسئول عنه هو المذكور بإرشاد إعادة التوابع المذكورة بعينها إليه ، فتقول لمن قال : رأيت زيدا الظريف ، أو : زيدا أبا محمد : من زيد الظريف ، ومن زيد نفسه ومن زيد أبو محمد ، بالرفع لا غير ، نعم ، لو وصف (٣) بابن ، وأسقط تنوينه لوقوعه بين علمين ، لم تمتنع حكايته عند أهل الحجاز ، لأنه ، وإن أغنى الوصف المذكور أيضا ، كسائر الأوصاف ، إلا أن تنزيل هذا الموصوف مع هذا الوصف منزلة اسم واحد بدليل حذف التنوين من الموصوف ، ونصب الموصوف في المنادى (٤) ، جوّز الحكاية فيه ؛ فتقول لمن قال رأيت زيد بن عمرو : من زيد بن عمرو ، بالنصب ، وإن قال : رأيت زيدا ابن أخي عمرو ، قلت : من زيد ابن أخي عمرو ، بالرفع لا غير ؛
__________________
(١) في الموضع السابق ذكره من كتاب سيبويه ، أورد المثالين الأولين الآتيين ولم يذكر الثالث ، وسيذكره الشارح في باب حكاية العلم ؛
(٢) سيأتي ذكرها بعد أن ينتهي من استطراده ؛
(٣) أي العلم المراد حكايته
(٤) في نحو : يا زيد بن عمرو ، وتعبيره بنصب الموصوف منظور فيه إلى الرأي الذي يجعله منصوبا لأنه مضاف إلى ما بعد أين ،