١٩٩ ـ أنا ابن دارة معروفا بها نسبي |
|
وهل بدارة يا للناس من عار |
وكقولك : أنا حاتم جوادا ، وأنا عمرو شجاعا ، اذ لا يقول مثله الّا من اشتهر بالخصلة التي دلّت عليها الحال ، كاشتهار حاتم بالجود ، وعمرو (١) بالشجاعة ،
وإمّا تعظيم لغيرك نحو : أنت الرجل كاملا ، أو تصاغر لنفسك (٢) ، نحو : أنا عبد الله آكلا كما يأكل العبد ، أو تصغير للغير (٣) ، نحو : هو المسكين مرحوما ، أو تهديد نحو : أنا الحجاج سفاكا للدماء ، أو غير ذلك نحو : زيد أبوك عطوفا ، و: (هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً)(٤) ، و: (هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً)(٥) ؛ فقولك : آكلا ، ومرحوما ومصدقا ، للاستدلال على مضمون الخبر ، وقوله : مشهورا بها نسبي (٦) ، وقولك كاملا ، وسفاكا للدماء ، وآية ، ومعروفا. (٧) لتقرير مضمون الخبر وتأكيده ، وقولك عطوفا ، لكليهما ؛ وإنما سمّي الكل حالا مؤكدة ، وإن لم يكن القسم الأول أي الذي هو للاستدلال على مضمون الخبر مؤكدا إذ ليس (٨) في كونه حقا ، معنى التصديق ، حتى يؤكد بمصدقا ، وكذلك ليس في كونه مسكينا معنى المرحومية ؛ لأن (٩) مضمون الحال لازم في الأغلب لمضمون
__________________
(١) من أبيات امتلأت بالهجاء المقذع ، قالها سالم بن دارة يهجو زميل بن أبير ، أحد بني فزارة ، وكانت بينهما مهاجاة قاسية ، ويروى : مشهورا بها نسبي ؛
(٢) المقصود : عمرو بن معد يكرب الزبيدي وكان مشهورا بالشجاعة ،
(٣) مقابل قوله : امّا فخر ، والمراد هنا التواضع ،
(٤) دخول حرف التعريف على كلمة «غير» لا يقره كثير من النحاة ، والرضي يستعمله كثيرا ، ويحاول بعض الباحثين تبريره بما لا يخلو من تكلف ،
(٥) الآية ٦٤ من سورة هود ، وتقدمت ،
(٦) من الآية ٣١ في سورة فاطر ؛
(٧) جرى في توضيح البيت على ما روى في إنشاده كما أشرنا ، وسيشير إلى الرواية التي أوردها ، وهذا من اختلاف النسخ الذي برز في هذا المكان من الشرح مما جعلنا نوفق بين عبارة المطبوعة وبين ما أشير إليه بالهامش من نسخ أخرى بحيث لم تخرج عن المقصود ، والحمد لله.
(٨) إشارة إلى الرواية التي أوردها في البيت ،
(٩) بيان لكونها غير مؤكدة ،
(١٠) وهذا بيان لوجه التسمية