للضرورة ، إذ لم يسمع إلّا في الشعر ؛ أنشد أبو زيد (١)
يطعمها اللّحم ، وشحما أمهجا
وأيضا فإنّ «الأمهج» اسم لدم القلب ، فيمكن أن يكون قولهم «شحم أمهج» مما وصف فيه بالاسم الجامد ، لما فيه من معنى الصفاء والرقّة ، كما يوصف بالأسماء الضامنة لمعنى الأوصاف. ونحو من ذلك ما أنشده أبو عثمان من قول الراجز :
مئبرة العرقوب إشفى المرفق (٢)
فوصف بـ «إشفى» وهو اسم ، لما فيه من معنى الجدّة ، وقول الآخر (٣) :
فلولا الله ، والمهر المفدّى ، |
|
لأبت ، وأنت غربال الإهاب |
كأنه قال : مخرّق الإهاب.
وعلى إفعل : ولم يجىء إلّا اسما ، نحو : «إصبع» و «إبرم» (٤). فأما قوله (٥) ؛
إن تك ذا بزّ فإنّ بزّي |
|
سابغة ، فوق وأى ، إوزّ |
فيمكن أن يكون «فعلا» ، والهمزة فيه أصليّة ، وذلك قليل. ويمكن أن يكون «إوزّ» اسما وصف به ، لما فيه من معنى الشدّة.
وعلى أفعل : ولم يجىء أيضا إلا اسما ، وهو قليل ، نحو «أصبع».
وعلى أفعل ولا يكون في الأسماء والصفات ، إلا أن يكسّر عليه الواحد للجمع ، فالاسم نحو : «أكلب» ، والصفة نحو : «أعبد».
فأما «أذرح» (٦) و «أسنمة» (٧) فعلمان ، فلا يثبت بهما بناء ، لأنّ العلم أكثر ما يجيء منقولا ، بل من الناس من أنكر أن يجيء مرتجلا. فإذا كان العلم كما وصف احتملا أن يكونا منقولين من الفعل ، فيكون «أذرح» فعلا ، في الأصل ، ثم سمّي به. وكذلك «أسنمة» ، كأنه «أسنم» في الأصل ثم سمّي به.
فإن قلت : لو كان منقولا من الفعل لما دخلت عليه تاء التأنيث ، لأنّ التاء لا تدخل على الفعل المضارع ، فالجواب أنّه لما انتقل من الفعلية إلى الاسمية ساغ دخول تاء التأنيث عليه. والدليل على ذلك قولهم «الينجلبة» في اسم الخرزة ، لأنها يجلب بها الغائب ، وهي فعل في الأصل ، لأنها على وزن الفعل المختصّ. لكن لمّا انتقلت إلى الاسمّية ساغ دخول التاء عليها.
__________________
(١) الرجز بلا نسبة في الخصائص ٣ / ١٩٤.
(٢) الرجز بلا نسبة في الخصائص ٢ / ٢٢١.
والمئبرة من الإبرة. الإشفى : مخرز الإسكاف.
(٣) البيت لمنذر بن حسان في المقاصد النحوية ٣ / ١٤٠.
(٤) إبرم : اسم موضع.
(٥) الرجز بلا نسبة في الخصائص ٣ / ٢١٧. والبزّ :
السلاح. السابغة : الدرع الطويلة. الوأى :
الفرس السريع. الإوزّ : القصير الغليظ.
(٦) أذرح : اسم موضع.
(٧) أسنمة : اسم موضع.