فإن قال قائل : فلعلّ «تلعّيت» :«تفعليت» والياء زائدة ، مثلها في «تجعبيت» ، فلا تكون إذ ذاك بدلا! فالجواب أنّ التاء إنّما دخلت على «لعّيت» ، و «لعّيت» : «فعّلت» ، بدليل قولهم : «تلعية» ، إذ لا يجيء المصدر على «تفعلة» إلّا إذا كان الفعل على وزن «فعّل». فإذا تبيّن أنّ التاء دخلت على «فعّلت» ثبت أنّ «تلعّيت» : «تفعّلت» ، وأنّ الياء بدل من العين.
وأبدلت من الكاف ، فيما حكاه أبو زيد ، من قولهم : «مكّوك» (١) و «مكاكيّ». وأصله «مكاكيك» ، فأبدلت الياء من الكاف الأخيرة ، هروبا أيضا من ثقل التضعيف.
وأبدلت من التاء ، أنشد بعضهم (٢) :
قامت بها ، تنشد كلّ منشد |
|
فايتصلت بمثل ضوء الفرقد |
يريد «فاتّصلت» ، فأبدل من التاء الأولى ياء ، كراهية التّشديد.
وأبدلت من الثاء في «ثالث» ، فقالوا : «الثالي». قال الراجز (٣) :
يفديك ، يا زرع ، أبي وخالي |
|
قد مرّ يومان ، وهذا الثّالي |
وأنت ، بالهجران ، لا تبالي |
أراد «وهذا الثالث».
وأبدلت من الجيم في جمع «ديجوج» (٤) ، فقالوا «الدياجي». وأصله «دياجيج» ، فأبدلت الجيم الأخيرة ياء ، وحذفت الياء فيها تخفيفا.
وأبدلت من الهاء في «دهديت الحجر» أي : دحرجته. وأصله «دهدهته» ؛ ألا تراهم قولوا : «دهدوهة الجعل» (٥) لما يدحرجه. قال أبو النّجم (٦) :
كأنّ صوت جرعها المستعجل |
|
جندلة ، دهديتها بجندل |
وقالوا في «صهصهت بالرّجل» إذا قلت له «صه صه» : «صهصيت» ، فأبدلوا من الهاء ياء.
وأبدلت من الهمزة باطّراد ، إذا كانت ساكنة وقبلها كسرة. فتقول في «ذئب» و «بئر» و «مئرة» (٧) : «ذيب» و «بير» و «ميرة». ولا يلزم ذلك ، إلّا أن يكون الحرف المكسور الذي قبل الهمزة الساكنة همزة أخرى ، نحو «إيمان» و «إيتاء» في مصدر «آمن» و «آتى». وأصلهما «إئمان» و «إئتاء».
وأبدلت من الهمزة المفتوحة المكسور ما
__________________
(١) المكّوك : طاس يشرب به.
(٢) الرجز بلا نسبة في شرح المفصّل ١٠ / ٢٦ ؛ والمفصّل ٢ / ٢٥٧.
(٣) الرجز بلا نسبة في شرح المفصل ١٠ / ٢٨ ؛ والمفصّل ٢ / ٢٥٩. وزرع : ترخيم زرعة.
(٤) الديجوج : الليل المظلم.
(٥) الجعل : نوع من الخنافس.
(٦) المنصف ٢ / ١٧٦
(٧) المئرة : العداوة.