المطلوب إقباله ، أخرج المندوب ، لأنه المتفجع عليه ، لا المطلوب إقباله ، وبحرف نائب مناب أدعو خرج نحو «زيد» في قولك : أطلب إقبال زيد.
وقد تصلّف (١) المصنف بهذا الحدّ ، وقال إن الزمخشري لم يحدّ المنادى لإشكاله وذلك لأنه لو حدّ بأمر معنوي ، أي كونه مطلوب الاقبال دخل فيه «زيد» في أطلب إقبال زيد ، ولو حدّ بأمر لفظيّ ، أي : ما دخل عليه «يا» وأخواتها ، دخل فيه المندوب ، وليس بمنادى.
والظاهر أن جار الله لم يحدّه لظهوره (٢) لا لإشكاله فإن المنادى عنده : كل ما دخله «يا» وأخواتها ، والمندوب عنده منادى على وجه التفجع ، كما صرح به لما فصل أحكام المنادى في الإعراب والبناء.
وكذا الظاهر من كلام سيبويه (٣) أنه منادى ، كما قال الجزولي : المندوب منادى على وجه التفجع ، فإذا قلت : يا محمداه فكأنك تناديه وتقول له : تعال فإني مشتاق إليك ، ومنه قولهم في المراثي : لا تبعد ، أي لا تهلك ، كأنهم من ضنّهم بالميت عن الموت تصوّروه حيّا فكرهوا موته فقالوا لا تبعد ، أي لا بعدت ولا هلكت ، وكذا المندوب المتوجع عليه نحو : وا ويلاه وواثبوراه وواحزناه ، أي : احضر حتى يتعجب من فظاعتك.
والدليل على أنه مدعوّ ، قوله تعالى : (لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً)(٤) ، أمرهم بقول : واثبوراه.
وكذا المستغاث منادى دخله معنى الاستغاثة ، وكذا المتعجب منه منادى دخله معنى التعجب ، فمعنى : يا للماء ، ويا للدواهي : احضرا ، حتى يتعجّب منكما ، وكذا لا يرد
__________________
(١) تصلّف. أي أخذه الكبر وسيأتي بيان أنه لا وجه لهذا الادعاء.
(٢) هذا وجه التصلف الذي اتهم به المصنف ، لأنه فرض أن تعريف المنادى خفي على الزمخشري وأنه جاء بما لم يأت به الزمخشري.
(٣) قال سيبويه في كتابه ج ١ ص ٣٢١ : والمندوب مدعوّ. ولكن متفجع عليه.
(٤) الآية ١٤ من سورة الفرقان.