وأُعْطُوا أَزِمَّتَهَا فَأَوْرَدَتْهُمُ الْجَنَّةَ ـ حَقٌّ وبَاطِلٌ ولِكُلٍّ أَهْلٌ ـ فَلَئِنْ أَمِرَ الْبَاطِلُ لَقَدِيماً فَعَلَ ـ ولَئِنْ قَلَّ الْحَقُّ فَلَرُبَّمَا ولَعَلَّ ولَقَلَّمَا أَدْبَرَ شَيْءٌ فَأَقْبَلَ!
قال السيد الشريف وأقول ـ إن في هذا الكلام الأدنى من مواقع الإحسان ـ ما لا تبلغه مواقع الاستحسان ـ وإن حظ العجب منه أكثر من حظ العجب به ـ وفيه مع الحال التي وصفنا زوائد من الفصاحة ـ لا يقوم بها لسان ولا يطلع فجها إنسان (٢٣٠) ولا يعرف ما أقول إلا من ضرب في هذه الصناعة بحق ـ وجرى فيها على عرق (٢٣١) (وما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ).
ومن هذه الخطبة وفيها يقسم الناس إلى ثلاثة أصناف
شُغِلَ مَنِ الْجَنَّةُ والنَّارُ أَمَامَه ـ سَاعٍ سَرِيعٌ نَجَا وطَالِبٌ بَطِيءٌ رَجَا ـ ومُقَصِّرٌ فِي النَّارِ هَوَى ـ الْيَمِينُ والشِّمَالُ مَضَلَّةٌ والطَّرِيقُ الْوُسْطَى هِيَ الْجَادَّةُ (٢٣٢) عَلَيْهَا بَاقِي الْكِتَابِ وآثَارُ النُّبُوَّةِ ـ ومِنْهَا مَنْفَذُ السُّنَّةِ وإِلَيْهَا مَصِيرُ الْعَاقِبَةِ ـ هَلَكَ مَنِ ادَّعَى و (خابَ مَنِ افْتَرى) ـ مَنْ أَبْدَى صَفْحَتَه لِلْحَقِّ هَلَكَ ـ وكَفَى بِالْمَرْءِ جَهْلًا أَلَّا يَعْرِفَ قَدْرَه ـ لَا يَهْلِكُ عَلَى التَّقْوَى سِنْخُ (٢٣٣) أَصْلٍ ـ ولَا يَظْمَأُ عَلَيْهَا زَرْعُ قَوْمٍ ـ فَاسْتَتِرُوا فِي بُيُوتِكُمْ (وأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ) ـ والتَّوْبَةُ مِنْ وَرَائِكُمْ ـ ولَا يَحْمَدْ حَامِدٌ إِلَّا رَبَّه ولَا يَلُمْ لَائِمٌ إِلَّا نَفْسَه.