فَرَجَعَتْ إِذْ
جُبِهَتْ
مُعْتَرِفَةً ـ بِأَنَّه لَا يُنَالُ بِجَوْرِ الِاعْتِسَافِ
كُنْه مَعْرِفَتِه ـ ولَا تَخْطُرُ بِبَالِ أُولِي الرَّوِيَّاتِ
خَاطِرَةٌ مِنْ تَقْدِيرِ جَلَالِ عِزَّتِه الَّذِي ابْتَدَعَ الْخَلْقَ
عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ امْتَثَلَه
ولَا مِقْدَارٍ احْتَذَى عَلَيْه
مِنْ خَالِقٍ مَعْبُودٍ كَانَ قَبْلَه ـ وأَرَانَا مِنْ مَلَكُوتِ قُدْرَتِه ـ وعَجَائِبِ
مَا نَطَقَتْ بِه آثَارُ حِكْمَتِه ـ واعْتِرَافِ الْحَاجَةِ مِنَ الْخَلْقِ إِلَى
أَنْ يُقِيمَهَا بِمِسَاكِ
قُوَّتِه ـ مَا دَلَّنَا بِاضْطِرَارِ قِيَامِ الْحُجَّةِ لَه عَلَى مَعْرِفَتِه ـ
فَظَهَرَتِ الْبَدَائِعُ ـ الَّتِي أَحْدَثَتْهَا آثَارُ صَنْعَتِه وأَعْلَامُ
حِكْمَتِه ـ فَصَارَ كُلُّ مَا خَلَقَ حُجَّةً لَه ودَلِيلًا عَلَيْه ـ وإِنْ
كَانَ خَلْقاً صَامِتاً فَحُجَّتُه بِالتَّدْبِيرِ نَاطِقَةٌ ـ ودَلَالَتُه عَلَى
الْمُبْدِعِ قَائِمَةٌ فَأَشْهَدُ أَنَّ مَنْ شَبَّهَكَ بِتَبَايُنِ أَعْضَاءِ
خَلْقِكَ ـ وتَلَاحُمِ حِقَاقِ مَفَاصِلِهِمُ
الْمُحْتَجِبَةِ لِتَدْبِيرِ
حِكْمَتِكَ ـ لَمْ يَعْقِدْ غَيْبَ ضَمِيرِه عَلَى مَعْرِفَتِكَ ـ ولَمْ يُبَاشِرْ
قَلْبَه الْيَقِينُ بِأَنَّه لَا نِدَّ لَكَ ـ وكَأَنَّه لَمْ يَسْمَعْ تَبَرُّؤَ
التَّابِعِينَ مِنَ الْمَتْبُوعِينَ ـ إِذْ يَقُولُونَ «تَا لله إِنْ كُنَّا
لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ ـ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ»
ـ كَذَبَ الْعَادِلُونَ بِكَ
إِذْ شَبَّهُوكَ بِأَصْنَامِهِمْ ـ ونَحَلُوكَ حِلْيَةَ
الْمَخْلُوقِينَ بِأَوْهَامِهِمْ ـ وجَزَّءُوكَ تَجْزِئَةَ الْمُجَسَّمَاتِ
بِخَوَاطِرِهِمْ ـ وقَدَّرُوكَ
عَلَى الْخِلْقَةِ الْمُخْتَلِفَةِ الْقُوَى بِقَرَائِحِ عُقُولِهِمْ ـ وأَشْهَدُ
أَنَّ مَنْ سَاوَاكَ بِشَيْءٍ مِنْ خَلْقِكَ فَقَدْ عَدَلَ بِكَ ـ والْعَادِلُ
بِكَ كَافِرٌ بِمَا تَنَزَّلَتْ بِه مُحْكَمَاتُ آيَاتِكَ ـ ونَطَقَتْ عَنْه