الترمذي ، نا عمر بن أبي عمر العبدي ، عن الحكم بن نافع ، عن عبد الرّحمن المكي ، عن أبي إسحاق ، قال : سمعت وهب بن منبّه يقول : اسمع إذا وصفت من صفة المؤمن وحدث في التوراة : المؤمن الذي هو إلى الإسلام هدى وبالاقرار بدى ظاهر الإيمان ، بدنه على الإيمان بني لأنه عالم بالعلم ، ناطق بالحكم بالفهم ، ورع عن الحرام ، بين الأعلام ، كثير السلام ، لين الجانب ، طيب المعروف سريع الرضا ، بعيد السّخط يعلم إذا فهم ، وإذا علم علم بكف إذا سم إن صحبته سلم وإن شاركته نقم وإن فارقته تندم ، وإن سمعت منه تعلم ، كثير الوفاء ، مكرم للجار مطيع للجبار ، قلبه بمعرفة الله زاهر ، ولسانه بذكر الله غارز (١) ، وبدنه بطاعة الله ساهر ، فهو من نفسه في تعب ، والناس فيه في لذة. فمثله كمثل الماء لأن الماء حياة الأشياء كلها ، فكان المؤمن الرضي وعمله التقي ، مبغض للدنيا قليل المنى ، واني النبأ (٢) صادق اللسان صابر البدن قانع القلب إن أؤتمن على أمانة أدّاها وإن ائتمن هو غيره لم يتهم أب لليتيم وللأرملة رحيم ، وإلى الجنة مشتاق ، وبالوالدين غير عاقّ له حكم يرضى وعمل يتمنى ، كلامه منفعة ومحاورته رفعة. إن استكتمته كتم وإن استطعم أطعم ، جواد لله بالطاعة وللناس بحسن الخلق والرضا. إن استقرض أدى وإن سئل أعطى. إن كان فوقك اتّضع وإن كان دونك اعتدل ، فمثله كمثل شجرة ثبت أصلها ، وخاف (٣) فرعها وكثر ثمرها (٤) ، فمن رآها رغب فيها لا يتخذ شيئا إن أخذه ربا ولا بترك إن تركه حياء بل أخذه لله سالما ، وتركه لله غانما ، محاسب نفسه ناظرة في عيوبه مستقل لعمله إن كان محسنا يخاف على نفسه أن لا يقتل مثله ، وإن كان مقصرا يخشى أن لا يغفر له وإن كان فاضلا كان شاكرا لا يظلم ولا يأثم ولا يتكلف بيّن تدبيره كثير عمله قليل زلله سهل أمره حريز دينه ، ميّتة شهوته مكظوم غيظه صاف خلقه ، يقول فيعلم ، لا يتكلم إلّا بحق ، ولا يتكلم إلّا عدلا ، يقول الحق وإن كان مرّا ، يقول الحق كان له أو عليه ، فهو غني في الغنى شاكر فقير فمثله كمثل النحلة تأكل من كل الأشجار وتطعم الصغار والكبار.
__________________
(١) كذا.
(٢) كذا بالأصل ، وتقرأ «البنا» كذا.
(٣) كذا ، ويبدو أن بعض الأحرف سقط من اللفظة.
(٤) لفظة غير مقروءة تركنا مكانها بياضا.