قوية» ، ويمكننا خلافا للتراث العبراني افتراض أن الخروج تم بسلام وبدون مطاردة ، فإن سلطة موسى جعلت ذلك ممكنا ، ولم يكن هناك حينئذ قوة مركزية يمكنها أن تمنعه ، ثم يرى «فرويد» أن الخروج من مصر حدث خلال فترة السنوات الثماني التي تلت موت إخناتون وسبقت استيلاء «حورمحب» على العرش (١) ، بل إن «آرثر ويجال» إنما يحدد الخروج بعام ١٣٤٦ ق. م ، ويرى أنه تم في آخر عهد «توت عنخ آمون» (٢).
وفي الواقع فإن «كارل إبراهام» إنما سبق «فرويد» في القول بأن إخناتون إنما كان مصلحا ، ونبيا عظيما ، ففي عصره لم ترسم الآلهة في شكل آدمي ، وهكذا كان إخناتون رائد التوحيد الموسوي ، بل الأبعد من ذلك أنه كان رائد المسيح عليهالسلام ، ففكرة إخناتون عن الإله أقرب إلى الفكرة المسيحية منها إلى الفكرة الموسوية (٣) ، هذا ويذهب المؤرخ"Weech " إلى أن موسى قد دعا بني إسرائيل إلى التوحيد ، وكانت هذه العقيدة قد ظهرت في العالم قبل ذلك على يد «إخناتون» ، ويبدو أن موسى ، وقد أمضى طفولته وصباه وشبابه في مصر ، قد عرف هذه العقيدة وتأثر بها ودعا إليها (٤) ، وعلى أية حال ، فنحن وإن كنا نرفض الربط بين وحدانية موسى عليهالسلام ، ودعوة إخناتون ، ذلك الربط الذي يصل عند «فرويد» إلى أن الأولى منقولة عن الثانية ، فلا نشك في وجود مقابلات بين الديانتين ، حتى وإن كانت غير مباشرة ، فالوحدانية المطلقة كانت من أوضح الصور الشائعة بينهما ، وعلى سبيل المثال ، فإله إسرائيل يقول «لا يكن لك آلهة أخرى أمامي» (٥) ،
__________________
(١) ٣٢ ـ ٢٩.S.Freud ,op ـ cit ,P.
(٢) ١٤٦.p ، ١٩٦٨.A.Weigal ,Histoire de L\'Egypte Ancienne ,Paris ,
(٣) ٣٦٤ ـ ٣٤٦.p ، ١٩١٢. C.Abraham ,Imago ,I ,
(٤) ٨٨.E.H.Weech ,Civilization of the Near East ,P.
(٥) خروج ٢٠ / ٣.