« ما » موصولة ، أو موصوفة ، والمراد بها المقدار أو المسافة أو نحوهما.
« بين » اسمٌ وضع للخلالة بين شيئين أو أشياء ، وأصله من بان كذا : إذا انفصل فظهر منه ما كان كامناً. قال الراغب : ولمّا اعتُبر فيه معنى الانفصال والظهور استُعمل في كلّ واحد منفرداً حتّى قيل للبئر البعيدة القعر : بَيُونٌ ، لبعد ما بين َالشفير والقعر لانفصال حبلها من يد صاحبها. وبان الصبح : ظهر (١).
ثمّ إنّ الغالب في « بين » أن يكون ظرفاً. وقد يتصرّف فيه ، فيقال : بعيد بين المنكبين ، ونقي بين الحاجبين ، وقال تعالى : ( مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ ) (٢) وقال : ( لَقَدْتَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ ). (٣)
وزعم الفرّاء أنّه لا يستعمل إلاّمفتوحاً وإن تصرّف فيه برفع المحل أو جرّه ، ولذلك سوّغ في قوله : « فأدبرن كالجذع المفصل بينه » أن يكون بينه صلة ل « ما » محذوفة ، وأن يكون قائماً مقام الفاعل للمفصل ، ولا يجوز حذفه إذا كان بعد « ما » خلافاً لبعض الكوفيين فإنّهم يجوّزون أن يقال : « مطرنا ما زبالة فالثعلبية » (٤) بمعنى ما بين زبالة ، وعليه (٥) حملوا قوله :
يا أحسنَ الناسِ ما قَرناً إلى قدمِ |
|
ولا حِبالَ مُحِبّ واصِل تَصِلِ (٦) |
وقوله تعالى : ( مَثلاً ما بَعُوضَة فَما فَوقها ). (٧)
__________________
١ ـ مفردات غريب القرآن : ٦٧.
٢ ـ العنكبوت : ٢٥.
٣ ـ الأنعام : ٩٤.
٤ ـ شرح الرضي : ٤ / ٣٨٥ وهو من قول العرب.
٥ ـ أي على جواز حذف « بين » بعد « ما ».
٦ ـ ذكره في شرح شواهد المغني : ١ / ٤٦٤ الشاهد ٢٥٦ ولم ينسبه. وفي تفسير القرطبي : ١ / ٢٤٣ قال : وأنشد أبوالعباس ـ وذكر البيت وقال : ـ أرا ما بين قرن ، فلما أسقط « بين » نصب.
٧ ـ البقرة : ٢٦.