أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي ، عن أبيه ، عن خلف بن حمّاد الأسدي ، عن أبي الحسن العبدي ، عن الأعمش ، عن عباية بن ربعي عن عبد اللّه بن عباس قال :
إنّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم لمّا أُسري به إلى السّماء انتهى به جبرائيل إلى نهر يقال له « النور » ، وهو قول اللّه عزّ وجلّ « خَلَقَ الظُّلُمات وَالنُّور » (١) فلمّا انتهى به إلى النهر قال له جبرئيل : يا محمد اعبر على بركة اللّه فقد نوّر اللّه لك بصرك ومدّ لك امامك ، فإنّ هذا نهرٌ لم يعبره أحد ولا ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل ، غير أنّ لي في كلّ يوم اغتماسة فيه ثمّ أخرج منه فأنفض أجنحتي ، فليس من قطرة تقطر من أجنحتي إلاّ خلق اللّه تبارك وتعالى منها ملكاً مقرّباً ، له عشرون ألف وجه وأربعون ألف لسان ، كلّ لسان يلفظ بلغة لا يفقهها اللّسان الآخر.
فعبر رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى انتهى إلى الحجب والحجب خمسمائة حجاب ، من الحجاب إلى الحجاب مسيرة خمسمائة عام ، ثمّ قال : تقدّم يا محمد ، فقال له يا جبرئيل : ولم لا تكون معي؟ قال : ليس لي أن أجوز هذا لمكان ، فتقدم رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ما شاء اللّه أن يتقدّم حتى سمع ما قال الرب تبارك وتعالى : أنا المحمود وأنت محمّد ، شققت اسمك من اسمي ، فمن وصلك وصلتُه ، ومن قطعك بَتَكته (٢) ، إنزل إلى عبادي فأخبرهم بكرامتي إيّاك وإنّي لم أبعث نبيّاً إلاّ جعلت له وزيراً وإنّك رسولي وإنّ عليّاً وزيرك.
فهبط رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم فكره أن يحدّث الناس بشيء كراهيّة أن يتّهموه ، لأنّهم كانوا حديثي عهد بالجاهلية ، حتى مضى لذلك ستة أيّام ، فأنزل اللّه تبارك وتعالى
__________________
١ ـ اقتباس من سورة الأنعام الآية ١ : ( الحمْدُ للّهِ الّذي خَلَقَ السَّمواتِ وَالأَرْض وَجَعَلَ الظُّلُماتِ والنُّور ... ).
٢ ـ « بتلته » إحدى نسخ المصدر ، والبتك : القطع.