منهما؟
تقول السيّدة أُمّ كلثوم عليها السلام : منذ أن سمعت مصيبتها المشجية ودموعي تجري بلا انقطاع وقد فارغ النوم عيناي.
نقل صاحب كتاب «مصباح الحرمين» (١) القضية التالية فقال : رأت طفلة للإمام الحسين عليه السلام في إحدى الليالي والدها في عالم الرؤيا فاسترّت برؤياه وتنعّمت بلقاءه خلال تلك اللحظات القصيرة التي وفّقت فيها لرؤيا سيّد الشهداء عليه السلام بعد شهادته.
وعندما استيقظت الطفلة من منامها ـ وللأسف الشديد ـ أحسّت أنّ كلّ ما رأته كان مجرّد رؤيا ولذلك فإنّها لم تتحمّل الواقع ، فقد غاب عنها والدها العزيز التي تنعّمت برؤياه قبل لحظات. فبقيت الطفلة تبكي بشدّة ، وكلّما حاول أهل البيت عليهم السلام تهدأتها لم يتمكّنوا ، ولمّا تساءلوا منها عن سبب بكاءها قالت : أين أبي ايتوني بوالدي وقرّة عيني.
آنذاك عرف الجميع أنّها رأت والدها في المنام فضجّ الجميع بالبكاء والعويل ونشرن العلويات شعورهنّ وأخذن يلطمن على وجوههنّ ويحثن التراب على رؤوسهنّ حزناً على سيّد الشهداء عليه السلام حتّى وصل صوت النائحة إلى أسماع يزيد الطاغية.
وفي رواية أُخرى أنّ طاهر بن عبدالله الدمشقي نديم يزيد الطاغية قال : كنت في أكثر الليالي أجلس مع يزيد وأُحدّثه واشغله بأحاديثي ، وفي إحدى الليالي بينما كنت أُحدّثه وقد مضى قسطاً من الليل التفت إليّ وقال : طاهر! أشعر بالوحشة والاضطراب والحزن وليس لي مزاج للحديث ، فادنوا منّي وخذ برأسي ولا تحدّثني عن أفعالي وجرائمي القبيحة. يقول طاهر : أخذت رأسه النحس وجعلته في حجري فنام اللعين وكان رأس سيّد الشهداء عليه السلام موضوعاً أمامه في طشت من ذهب.
ولم تمض ساعة إذا بصياح وبكاء أبناء الحسين عليه السلام يتعالى من خرابة الشام ، إلّا أنّ
__________________
(١) مؤلّف مصباح الحرمين هو عبدالجبّار بن زين العابدين الشكوئي.