فأمر بجواد ثالث وراجع فلم يطاوعه منها أحد حتّى أوشك الرأس الشريف على الوقوع فهبّ إبراهيم الموصلي لحفظ الرأس خشية أن يقع إلّا أنّ أهل الشام اللعناء حملوا عليه وقتلوه انتقاماً منهم لاحترامه الرأس المقدّس (١).
نقل أبو فراس في «شرح الوافية» فقال : عندما طلب الإمام السجّاد عليه السلام من يزيد أن يريه رأس أبيه كان اللعين يرفض بشدّة وقد غطّى الرأس بمنديل.
وبينما هما على ذلك الحال إذا بالرأس الشريف يخاطب الإمام السجّاد عليه السلام بعد أن ارتفع المنديل جانباً : السلام عليك يا ولدي يا علي ، فأجابه الإمام السجّاد عليه السلام قائلاً : وعليك السلام ورحمة الله يا أبتاه ، لقد أُيتمت على صغر سنّي ، وفرّق بيني وبينك وإنّي ماضٍ إلى حرم جدّنا رسول الله صلى الله عليه واله فأودعك الله (٢).
ورد في بعض مقاتل العامّة : أنّ أهل البيت عليهم السلام لمّا دخلوا الشام التفتت العقيلة زينب إلى شمر وقالت : مرّ بنا من الطرق الفارغة إلّا أنّه لم يعتن بها ومرّ بهم من الطرق المزدحمة ، فاغتاظت العقيلة زينب عليها السلام وأمرت الأرض أن تبلعه ، فابتلعت نصف بدنه إلّا أنّ سيّد الشهداء عليه السلام حال دون هلاكه حيث أوصى الرأس الشريف العقيلة بالصبر فقال : أُختاه ، اصبري لقضاء الله ، فأمرت العقيلة عليها السلام الأرض أن تلفظه فلفظته (٣).
وزينب تدعو بالحسين وقلبها |
|
حزين لفقدان السلو ثكول |
أخي يا أخي قد كنت عزّي ومنعتي |
|
فأصبح عزّي فيك وهو ذليل |
__________________
(١) كامل البهائي ج ٢ ص ٢٩٢.
(٢) راجع اكسير العبادات في أسرار الشهادات ج ٣ ص ٦١٢ ، مثير الأحزان لابن نما ص ١٠٦ مع اختلاف في النقل.
(٣) شهيد كربلا ج ٢ ص ٣٢٨ نقلاً عن الخصائص الزينبية للجزائري ص ١٢٠.