أن القصة ، كما قلنا ، قرآنية صرفة ، فحاولوا أن يربطوا بينها وبين التوراة ، ثم أوجدوا لها صلة ونسبا بأسماء أعيان وردت في التوراة ، فذهب بعضهم إلى أن عادا ، إنما هو «هدورام» التوراة (١) ، وربما كانت حجتهم في ذلك اقتران عاد بإرم في الكتب العبرية ، وأن بعض القراءات تقرأ الآية الكريمة «أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ» (٢) ، على الإضافة أو مفتوحتين ، أو بسكون الراء على التخفيف ، أو بإضافة إرم إلى ذات العماد ، وعلى ما بين «عاد إرم» و «هدورام» من تشابه كبير في النطق ، إلا أن التوراة تشير إلى أن «هدورام» هذا ، إنما هو من نسل يقطان (قحطان في الروايات العربية) ، وهذا لا يستقيم مع الروايات ، ويعلل «جرجي زيدان» ذلك بأن كاتب سفر التكوين إما أنه رأى أن تلك القبيلة إنما تسكن اليمن ، فذهب إلى أنها من نسل قحطان ، لأن الروايات إنما تذهب إلى أن عادا في الأحقاف ، بين حضرموت واليمن ، الأمر الذي سوف نناقشه حالا ، وإما أنه أراد أن يسجل القبائل التي سكنت اليمن ـ وهي في نظره تنسب جميعا إلى يقطان أو قحطان ـ ومن ثم فقد جعل عاد إرم في جملتها (٣).
ويذهب «تشارلس فورستر» إلى أن هناك صلة بين «عادة» زوجة «لامك» ، وبين «عاد» والد «يابال» الذي كان «أبا» لسكان الخيام ورعاة المواشي (٤) ، ونسلها من الأعراب ، وقوم عاد من الأعراب
__________________
(١) سفر التكوين ١٠ : ٢٧ ، أخبار أيام أول ١ : ٢١ ، وأنظر كذلك : الإكليل ٨ / ١٦٢ ، جواد علي ١ / ٣٠٠
(٢) سورة الفجر : آية ٦ ـ ٧
(٣) جرجي زيدان : مجلة الهلال ٢٣ / ٨٩٠ (أغسطس ١٨٩٠ م) ، جواد علي ١ / ٣٠٠ ، ياقوت ١ / ١١٥ ـ ١١٦ ، البكري ١ / ١١٩ ـ ١٢٠
(٤) تكوين ٤ : ٢٠