تصدّقوا بباطلٍ نطقت
به ، وسأبدأ بك ـ يا معاوية! ـ فلا أقول فيك إلّا دون ما فيك.
أنشدكم بالله! هل تعلمون أنّ الرّجل
الّي شتمتموه صلّى القبلتين كلتيهما وأنت تراهما جميعاً ضلالةً تبعد اللّات
والعزّى ، وبايع البيعتين كلتيهما بيعة الرّضوان وبيعة الفتح؟! وأنت ـ يا معاوية ـ
بالأُولى كافرٌ وبالأُخرى ناكثٌ».
ثمّ قال : «أنشدكم بالله! هل تعلمون
أنّما أقول حقّاً إنّه لقيكم مع رسول الله صلى الله عليه وآله يوم بدرٍ ومعه راية
النّبيّ صلى الله عليه وآله ومعك ـ يا معاوية! ـ راية المشركين تعبد اللّات
والعزّى وترى حرب رسول الله صلى الله عليه وآله والمؤمنين فرضاً واجباً ، ولقيكم
يوم أحدٍ ومعه راية النّبيّ صلى الله عليه وآله ومعك ـ يا معاوية! ـ راية المشركين
، ولقيكم يوم الأحزاب ومعه راية النّبيّ صلى الله عليه وآله ومعك ـ يا معاوية! ـ
راية المشركين ، وكلّ ذلك يفلج الله حجّته ، ويحقّ دعوته ، ويصدّق أحدوثته ، وينصر
رايته ، وكلّ ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله يرى عنه راضياً في المواطن كلّها
ساخطاً عليك.
ثمّ أنشدكم بالله ّ يرى هل تعلمون أنّ
رسول الله صلى الله عليه وآله حاصر بني قريظة وبني النّضير ، ثمّ بعث عمر بن
الخطّاب ومعه راية المهاجرين وسعد بن معاذٍ ومعه راية الأنصار.
فأمّا سعد بن معاذٍ ؛ فجرح وحمل جريحاً
، وأمّا عمر ، فرجع وهو يجبّن أصحابه ويجبّنه أصحابه.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله :
لأعطينّ الرّاية غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله ، ويحبّه الله ورسوله ، كرّار غير
فرّار ، ثمّ لا يرجع حتّى يفتح الله عليه ..
فتعرّض ها أبو بكرٍ وعمر وغيرهما من
المهاجرين والأنصار ـ وعليٌّ يومئذٍ أرمد شديد الرّمد ـ فدعاه رسول الله صلى الله
عليه وآله فتفل في عينيه فبرأ من الرّمد ، فأعطاه الرّاية فمضى ولم يثن حتّى فتح
الله عليه بمنّه وطوله وانت يومئذٍ بمكّة عدوٌّ لله ولرسوله فهل يستوى بين رجلٍ
نصح لله ولرسوله ، ورجلٍ عادى الله ورسوله؟!
ثمّ أقسم بالله ما أسلم قلبك بعد ،
ولكنّ اللّسان خائفٌ فهو يتكلّم بما ليس في القلب.