بينما معنى النفاق هو : التظاهر بالحق مع إنطواء القلب على الباطل.
كما يشهد به قوله تعالى في توصيف المنافقين : (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ) (١).
كانوا يبطنون الكفر ويتظاهرون بالايمان.
وكذا قوله تعالى : (إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ) (٢).
كانوا يشهدون بالرسالة وقلبهم منطو على الجحود نفاقاً منهم.
فالمنافق يتظاهر بالايمان وقلبه مضمر للكفر ، كما يشهد به قوله تعالى : (يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُم بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ) (٣).
بينما المؤمن على العكس يتظاهر بمداراة العدو خوفاً ، وقلبه منطو على الحق ، كما صرّحت بذلك قضيّة عمّار بن ياسر (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ) ـ أي على الكفر ـ (وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ) (٤).
فنلاحظ بوضوع ان موضوع التقيّة في منطق القرآن ـ وهو ال ميزان الحق ـ يغاير موضوع النفاق.
فالتقيّة في مفهومها الحقيقي هي المداراة مع الخصم خوفاً وتحذّراً فليست هي نفاقاً أو ضلالة.
__________________
١. سورة البقرة ، الآية ١٤.
٢. سورة المنافقون ، الآية ١.
٣. سورة التوبة ، الآية ٦٤.
٤. سورة النحل ، الآية ١٠٦.