يقري الضيف ويرحم المساكين وابن السّبيل قال : فأبطأت عليه الأضياف حتى استراب ذلك ، فخرج إبراهيم إلى الطريق ، فطلب ضيفا فمرّ به ملك الموت في صورة رجل ، فسلّم على إبراهيم ، فردّ إبراهيم عليهالسلام ثم سأله إبراهيم : من أنت؟ قال : ابن السّبيل قال : إنما قعدت هاهنا لمثلك ، انطلق ، فانطلق به إلى منزله ، فرآه إسحاق فعرفه ، فبكى إسحاق ، فلما رأت سارة إسحاق يبكي (١) بكت لبكائه. قال : ثم صعد ملك الموت ، فلمّا أفاقوا غضب إبراهيم وقال : بكيتم في وجه ضيفي حتى ذهب؟ قال إسحاق : لا تلمني يا أبه ، فإني رأيت ملك الموت معك ، ولا أرى أجلك يا أبه إلّا قد حضر فارعه في أهلك ، قال : فأمره بالوصيّة ، وكان لإبراهيم بيت يتعبّد فيه لا يدخله غيره ، فإذا خرج أغلقه. قال فجاء إبراهيم ففتح بيته الذي يتعبّد فيه ، فإذا هو برجل قاعد ، فقال له : من أنت؟ من أدخلك؟ قال : بإذن ربّ البيت دخلت ، قال : ربّ البيت أحقّ به ، قال : ثم تنحّى إبراهيم إلى ناحية البيت ، فصلّى كما كان يصنع ، وصعد ملك الموت ، وقيل له : ما رأيت؟ قال : يا رب جئتك من عند عبد ليس لك (٢) في الأرض بعده خير ، قال : ما رأيت؟ قال : ما ترك خلقا من خلقك إلّا وقد دعا له في دينه أو في معيشته ، ثم مكث إبراهيم ما شاء الله ، ثم فتح باب بيته الذي يتعبد فيه ، فإذا هو برجل قاعد فقال له إبراهيم : من أنت؟ قال : أنا ملك الموت ، قال إبراهيم : إن كنت صادقا ، فأرني منك آية أعرف أنك ملك الموت ، قال له ملك الموت : أعرض بوجهك يا إبراهيم فأعرض إبراهيم بوجهه ، ثم قال : أقبل فانظر ، فأقبل إبراهيم بوجهه فأراه الصورة التي يقبض فيها [أرواح](٣) المؤمنين ، قال : فرأى من النور والبهاء شيئا لا يعلمه إلّا الله ، ثم قال : أعرض بوجهك [فأعرض ثم قال : أقبل وانظر](٤) ، فأراه الصورة التي يقبض فيها الكفّار والفجّار ، قال : فرعب إبراهيم عليهالسلام رعبا حتى أرعدت فرائصه وألصق بطنه بالأرض ، وكادت نفسه تخرج. قال : فقال إبراهيم : أعرف ، فانظر الذي أمرت فامض له. قال : فصعد ملك الموت فقيل له : تلطف ـ يعني في قبض روح إبراهيم ـ فأتاه وهو في عنب له في صورة شيخ كبير لم يبق منه شيء ، فنظر إبراهيم فرآه فرحمه ، فأخذ مكتلا
__________________
(١) عن المختصر وبالأصل «بكى».
(٢) بالأصل «لك ليس» وفوق لفظة ليس علامة التبديل ، والمثبت يوافق عبارة المختصر.
(٣) الزيادة عن المختصر.
(٤) زيادة اقتضاها السياق عن المختصر.