الشاعر ، والاديب ، ولا يمكن لواحد من هؤلاء الحياة بدونها ، لأن الكتاب
ذريعة كل فاضل وسلاح كل مجاهد ومتكلم ، وقد عرف الانسان الكتاب منذ القدم ، واتجه
وسعى إليه للحصول على معارف ومعلومات شتى ، وادرك أن المعلومات الانسانية
والمدركات العلمية كلها مستمدة من الاشياء الخارجية التي تحيط بالانسانية ، فكلما
زاد أحتكاك الانسان بهذه العوامل الخارجية ، وكثر أطلاعه عليها كلما زاد علمه
وكثرت معارفه ، ولذلك فأن الرجل الذي عاش بين الكتب ، ويعيش معها ويعود إليها
بالبحث والمطالعة يكون اكثر علما وفهما ، وأوسع اطلاعا ومعرفة من رجل لم يزايل
المطالعة ، ولم يتعد نطر حدود العلم الذي حصل عليه ، في كلية أو جامعة عالمية ، لأنه
ظل محصورا في دائرتها الضيقة وما أجتاز محيطها.
إن المسلمين ما
تكونت لهم دولة في قرنهم الأول ، حتى هب قادة أفكارهم الى جمع الكتب على ندارتها
يوم ذاك ، لأن الدين الأسلامي يعتبر المبدء الفذ الذي يدعو الى العلم والحكمة
والتحرر من كابوس الجهل ، وجعل العلم بمعناه الأعم الوسيلة الوحيدة للخروج من
ظلمات الشرك والألحاد والجهالة ، الى مهيع العقائد الحقة ، والحياة الأنسانية
الراقية.
إن الأسلام جعل
العلم محك النظر في التمييز بين الحق والباطل ، في كافة القضايا العقائدية
والسياسية والاجتماعية ، ولذلك صرخ القرآن ودعا الأنسان في آيات مبرمة محكمة الى
العلم وأصبح من أقوى العوامل على نشر المعرفة بين المسلمين ، فهبوا هبة رجل واحد
يطلبون العلم من مضانه ، فجابوا الأقطار وتعرضوا للأخطار ، وقطعوا القارات والبحار
، وسكنوا الأمم الأجنبية في بلادها ، ولم يدعوا وسيلة من الوسائل التي توصلهم الى
زيادة معارفهم إلا تذرعوا بها فجمعوا في القرن الأول من ظهور الأسلام بين علوم
القدماء والمعاصرين لهم من الفرس ، والهنود ، والرومانيين ، واليونانيين ، وقاموا
بترجمة ما وقع بأيديهم من التراث الفكري الأجنبي ، وتنافس الخلفاء والأمراء في ذلك
السبيل حتى حصلوا عليه ثروة طائلة وكمية كبيرة من المؤلفات التي لم يتسن لغيرهم