الحديث ٤٣٨٦٤ ، عن الديلمي ، عن أنس.
فقه الحديث :
الحديث الشريف يبين أمورا هي أعظم الاخطار التي تهدد كيان الامة ويعرف المسلمين ذلك للاجتناب عنها والحذر منها. أولها : الضلالة بعد المعرفة ، فإن الهداية الالهية بإرشاد الناس إلى الدين القويم والتمسك بشريعة سيد المرسلين مهدد بميل النفس إلى الضلال والغواية ، والشيطان بالمرصاد لكل مؤمن متقي ليلقيه في أحضان الكفر والضلال. فلابد للانسان المسلم من الحذر عن الوقوع في الضلالة بالاستزادة من نور المعرفة ، وارتياد مجالس العلم ، وطلب الحكمة أينما كانت ليكون على أتم استعداد لمواجهة قوى الكفر والضلال.
وأما الفتن ، وهي ثاني الامور التي تهدد كيان المسلم إذا لم يتأهب لها بالتسلح بالعلم والعقيدة الصحيحة. والفتنة لابد منها ، فبها يمتاز الصادق في إيمانه عن المتظاهر ، والمؤمن عن الكافر ، والمستقيم على الهدى عن غيره ، قال سبحانه : (الم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون) (العنكبوت : ٢٩ / ١).
فالفتنة بالنسبة إلى المؤمن المتقي الثابت تكون كالكير ينفي خبث الحديد وهو تمحيص ، وأما بالنسبة إلى من لم يأخذ من الايمان بالحظ الا وفى فقد توجب له الانزلاق والتردي في الضلال والارتداد بعد الهدى ، فلا بد قبل أوان الامتحان من الاستزادة بالعلم والمعرفة وتقوية جذور الايمان في القلب ، حتى لا يكون الممتحن فيها من الفئة الاخيرة.
وأما شهوة البطن والفرج ، فهما من أعظم الفتن التي ابتلي بها الانسان في الدنيا ، وهما مصدر كل شر لو لم يتوقى الانسان من شرهما بتهيئة ما يغنيهما من الحلال.