يذبح أبناءهم ،
ويستحيي نساءهم ، ويفرقهم عباديد ، تحت كل كوكب ، ويحرق بيوتهم ، ويصطفي أموالهم ،
لا يألو جهداً في ظلمهم بكل طريق.
ختم معاوية منكراته هذه بحمل خليعه
المهتوك على رقاب المسلمين ، يعيث في دينهم ودنياهم ، فكان من خليعه ما كان يوم الطف
، ويوم الحرة ، ويوم مكة اذ نصب عليها العرادات والمجانيق!.
هذه خاتمة أعمال معاوية ، وانها لتلائم
كل الملاءمة فاتحة أعماله القاتمة.
وبين الفاتحة والخاتمة تتضاغط شدائد ،
وتدور خطوب ، وتزدحم محن ، ما أدري كيف اتسعت لها مسافة ذلك الزمن ، وكيف اتسع لها
صدر ذلك المجتمع؟ وهي ـ في الحق ـ لو وزعت على دهر لضاق بها ، وناء بحملها ، ولو
وزعت على عالم لكان جديراً أن يحول جحيماً لا يطاق.
ومهما يكن من أمر ، فالمهم أن الحوادث
جاءت تفسر خطة الحسن وتجلوها. وكان أهم ما يرمي اليه سلام اللّه عليه ، أن يرفع
اللثام عن هؤلاء الطغاة ، ليحول بينهم وبين ما يبيتون لرسالة جده من الكيد.
وقد تم له كل ما أراد ، حتى برح الخفاء
، وآذن أمر الاموية بالجلاء ، والحمد للّه رب العالمين.
وبهذا استتب لصنوه سيد الشهداء أن يثور
ثورته التي أوضح اللّه بها الكتاب ، وجعله فيها عبرة لأولي الالباب.
وقد كانا عليهماالسلام
وجهين لرسالة واحدة ، كل وجه منهما في موضعه منها ، وفي زمانه من مراحلها ، يكافئ
الآخر في النهوض بأعبائها ويوازنه بالتضحية في سبيلها.
فالحسن لم يبخل بنفسه ، ولم يكن الحسين
أسخى منه بها في سبيل اللّه ، وانما صان نفسه يجندها في جهاد صامت ، فلما حان
الوقت كانت شهادة كربلاء شهادة حسنية ، قبل ان تكون حسينية.
وكان يوم ساباط أعرق بمعاني التضحية من
يوم الطف لدى اولي