شباب أهل الجنة ـ
سياستهم الحكيمة ، في توجيهها الهادئ الرصين ، كلما اعصوصب الشر. فهي اذاً جزء من
سياستهم الهاشمية الدائرة أبداً على نصرة الحق ، لا على الانتصار للذات فيما تأخذ
او تدع.
تهيأ للحسن بهذا الصلح أن يغرس في طريق
معاوية كميناً من نفسه يثور عليه من حيث لا يشعر فيرديه ، وتسنى له به أن يلغم نصر
الاموية ببارود الاموية نفسها. فيجعل نصرها جفاءاً ، وريحاً هباءاً.
لم يطل الوقت حتى انفجرت اولى القنابل
المغروسة في شروط الصلح ، انفجرت من نفس معاوية يوم نشوته بنصره ، اذ انضم جيش
العراق الى لوائه في النخيلة. فقال ـ وقد قام خطيباً فيهم ـ : « يا أهل العراق ،
اني واللّه لم أقاتلكم لتصلوا ولا لتصوموا ، ولا لتزكوا ، ولا لتحجوا ، وانما
قاتلتكم لاتأمر عليكم ، وقد أعطاني اللّه ذلك وانتم كارهون!. ألا وان كل شيء
اعطيته للحسن بن علي جعلته تحت قدميَّ هاتين! ».
فلما تمت له البيعة خطب فذكر علياً فنال
منه ، ونال من الحسن ، فقام الحسين ليرد عليه ، فقال له الحسن : « على رسلك يا أخي
». ثم قام عليهالسلام فقال : «
أيها الذاكر علياً! أنا الحسن وأبي علي ، وأنت معاوية وأبوك صخر ، وأمي فاطمة وأمك
هند ، وجدي رسول اللّه وجدك عتبة ، وجدتي خديجة وجدتك فتيلة ، فلعن اللّه أخملنا
ذكراً ، وألأمنا حسباً ، وشرنا قديماً ، وأقدمنا كفراً ونفاقاً! » فقالت طوائف من
أهل المسجد : « آمين ».
ثم تتابعت سياسة معاوية ، تتفجر بكل ما
يخالف الكتاب والسنة من كل منكر في الاسلام ، قتلاً للابرار ، وهتكاً للاعراض ،
وسلباً للاموال ، وسجناً للاحرار ، وتشريداً للمصلحين ، وتأييداً للمفسدين الذين
جعلهم وزراء دولته ، كابن العاص ، وابن شعبة ، وابن سعيد ، وابن ارطأة ، وابن جندب
، وابن السمط ، وابن الحكم ، وابن مرجانة ، وابن عقبة ، وابن سمية الذي نفاه عن
ابيه الشرعي عبيد ، والحقه بالمسافح أبيه أبي سفيان ليجعله بذلك أخاه ، يسلطه على
الشيعة في العراق ، يسومهم سوء العذاب ،