إذا كان بإستحقاق على وجه الصواب من أعظم الطاعات وأكبر القربات ، ومن جرى على يده يظن به الفوز بالجنة ، فأراد (عليه السلام) أن يعلم الناس أن هذه الطاعة العظيمة التي يكثر ثوابها إذا لم تعقب بما يفسده غير نافعة لهذا القاتل ، وأنه سيأتي من فعله في المستقبل ما يستحق به النار ، فلا تظنوا به لما اتفق على يده من هذه الطاعة خيرا. وهذا يجري مجرى أن يكون لاحدنا صاحب خصيص به خفيف في طاعته مشهور بنصيحته ، فيقول هذا المصحوب بعد برهة من الزمان لمن يريد اطرافه وتعجبه : أو ليس صاحبي فلان الذى كانت له من الحقوق كذا وكذا ، وبلغ من الاختصاص بي إلى منزلة كذا قتلته وأبحت حريمه وسلبت ماله؟ وان كان ذلك انما استحقه بما تجدد منه في المستقبل ، وانما عرف بالحسن من أعماله على سبيل التعجب وهذا واضح. في الاحكام المدعى مخالفة علي فيها لمن سواه (مسألة) : فإن قيل فما الوجه فيما عابه النظام به عليه السلام من الاحكام التي داعى أنه خالف فيها جميع الامة ، مثل بيع أمهات الاولاد وقطع يد السارق من أصول الاصابع ودفع السارق إلى الشهود ، وجلد الوليد بن عقبة أربعين سوطا في خلافة عثمان وجهره بتسمية الرجال في القنوت وقبوله شهادة الصبيان بعضهم على بعض ، والله تعالى يقول : (وأشهدوا ذوي عدل منكم) وأخذه (عليه السلام) نصف دية الرجل من أولياء المرأة وأخذه نصف دية العين من المقتص من الاعور وتخليفه رجلا يصلى العيدين بالضعفاء في المسجد الاعظم ، وأنه (عليه السلام) أحرق رجلا أتى غلاما في دبره ، وأكثره ما أوجب على من فعل هذا الفعل الرجم ، وأنه أوتى بمال من مهور البغايا فقال عليه السلام ارفعوه حتى يجئ عطاء غني وباهلة. فقال النظام لم خص بهذا غنيا وباهلة؟ فان كانوا مؤمنين فمن عداهم من المؤمنين كهم في جواز تناول هذا المال وان كانوا غير مؤمنين فكيف يأخذون العطاء مع المؤمنين؟ قال وذلك المال وان كان من مهور البغايا أو بيع لحم الخنازير بعد أن تملكه الكفار ثم يبيحه الله